للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جاء في الآثار من الترغيب فيه، ولكن لما خاف العلماء عاقبة ذلك؛ تركوه (١)، خشية أن يتخذ ذلك سُنَّة، وتكون زيارتها عيدًا (٢).

وأيضًا كرهوا طلب موضع الشجرة التي بويع تحتها بيعة الرضوان، خشية التشبه باليهود والنصارى (٣).

مناقشة الدليل: كراهة الزيارة هنا؛ خشية أن تكون سُنَّة، وتُتخذ عيدًا، فإذا لم يواظب المسلم على زيارتها بشكل مستمر على أوقات متكررة فإنه يخرج عن الكراهة.

وأما التشبه بأهل الكتاب فلا يكون إلا إذا حصل تعظيم لذلك الأثر، وقربة له، فإذا لم يحصل التعظيم، ولا القربة، لم يحصل التشبه بأهل الكتاب.

الدليل الثالث: إنكار الصحابة على من قصد زيارة جبل الطور (٤):

١ فقد أنكر ابن عمر على قزعة عندما أراد الذهاب لجبل الطور، فقال له ابن عمر : أما علمت أن النبي قال: «لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلاَّ إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ: مَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَمَسْجِدِ النبي ، وَمَسْجِدِ الأَقْصَى»، ودع عنك الطور فلا تأته (٥).

٢ وأنكر أبو بصرة على أبي هريرة سفره إلى الطور، فلما لقيه وهو مقبل من الطور فقال: لو لقيتك قبل أن تأتيه لم تأته، إني سمعت


(١) يُنظر: البدع والنهي عنها، لابن وضاح (٨٨ - ٨٩)، الاعتصام، للشاطبي (١/ ٤٤٩ - ٤٥٠).
(٢) يُنظر: الاعتصام، للشاطبي (١/ ٤٤٩ - ٤٥٠)، اقتضاء الصراط المستقيم (٢/ ٢٧٤).
(٣) الاستذكار، لابن عبد البر (٢/ ٣٦٠).
(٤) الجبل الذي كلَّم الله فيه موسى . يُنظر: جامع البيان في تأويل آي القرآن، لابن جرير الطبري (١/ ٦٦٥).
(٥) أخرجه الأزرقي في أخبار مكة (٣٠٤) بإسناد صحيح رجاله رجال الصحيح، وأورد المرفوع منه الهيثمي في المجمع (٤/ ٤) وقال: رواه الطبراني في الكبير والأوسط ورجاله ثقات. يُنظر: أحكام الجنائز، للألباني (١/ ٢٢٦).

<<  <   >  >>