.
(ظللت كَأَنِّي للرماح دريةٌ ... أقَاتل عَن أَبنَاء جرمٍ وفرت)
(فَلَو أَن قومِي أنطقتني رماحهم ... نطقت وَلَكِن الرماح أجرت)
هَذَا الْمِقْدَار أوردهُ أَبُو تَمام فِي الحماسة. وَفِي ديوانه أَكثر من هَذَا.
وقصة هَذِه الأبيات: هُوَ مَا حَكَاهُ الْمفضل الطبرسي فِي شرح الحماسة: أَن جرما ونهداً وهما قبيلتان من قضاعة كَانَتَا من بني الْحَارِث بن كَعْب فقتلت جرمٌ رجلا من أَشْرَاف بني الْحَارِث فارتحلت عَنْهُم وتحولت فِي بني زبيد. فَخرجت بَنو الْحَارِث يطْلبُونَ بِدَم أخيهم فَالْتَقوا فعبأ عمرٌ وجرما لنهد وتعبأ هُوَ وَقَومه لبني الْحَارِث. ففرت جرم واعتلت بِأَنَّهَا كرهت دِمَاء نهد)
فهزمت يومئذٍ بَنو زبيد. فَقَالَ عمرٌ وهَذِه الأبيات يلومها. ثمَّ غزاهم بعد فانتصف مِنْهُم.
فَقَوله: زوراً هُوَ جمع أَزور وَهُوَ المعوج الزُّور بِالْفَتْح أَي: الصَّدْر. يَقُول: لما رَأَيْت الفرسان منحرفين لِلطَّعْنِ وَقد خلوا أَعِنَّة دوابهم وارسلوها علينا كَأَنَّهَا أَنهَار زرعٍ أرْسلت مياهها فاسبطرت أَي: امتدت. والتشبيه وَقع على جري المَاء فِي الْأَنْهَار لَا على الْأَنْهَار فَكَأَنَّهُ شبه امتداد الْخَيل فِي انحرافها عِنْد الطعْن
بامتداد المَاء فِي الْأَنْهَار وَهُوَ يطرد ملتوياً ومضطرباً. وَهَذَا تَشْبِيه بديع.
وَقَوله: فَجَاشَتْ. . الخ جَاشَتْ: ارْتَفَعت من فزع. وَهَذَا لَيْسَ لكَونه جَبَانًا بل هَذَا بَيَان حَال النَّفس. وَنَفس الجبان والشجاع سواءٌ فِيمَا يدهمها عِنْد الوهلة الأولى ثمَّ يَخْتَلِفَانِ: فالجبان يركب نفرته والشجاع يَدْفَعهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute