وَقَوله: لَوْلَا رقبتي هُوَ بِكَسْر الرَّاء اسْم من المراقبة بِمَعْنى الْخَوْف.
وَالْبَيْت الأول قد عرض بِهِ بعض الْمَدَنِيين لأبي جَعْفَر الْمَنْصُور قَالَ المدايني: لما حج الْمَنْصُور قَالَ للربيع: أبغني فَتى من أهل الْمَدِينَة أديباً ظريفاً عَالما بقديم ديارها ورسوم آثارها فقد بعد عهدي بديار قومِي وَأُرِيد الْوُقُوف عَلَيْهَا. فالتمس لَهُ الرّبيع فَتى أعلم النَّاس بِالْمَدِينَةِ وأفهمهم بظريف الْأَخْبَار وشريف الْأَشْعَار فَعجب بِهِ
الْمَنْصُور وَكَانَ يسايره أحسن مسايرة ويحاضره)
أزين محاضرة وَلَا يبتدئه بخطاب إِلَّا على وَجه الْجَواب فَإِذا سَأَلَهُ أَتَى بأوضح دلَالَة وأفصح مقَالَة. فأعجب بِهِ الْمَنْصُور غَايَة الْإِعْجَاب وَقَالَ للربيع: ادْفَعْ إِلَيْهِ عشرَة آلَاف دِرْهَم وَكَانَ الْفَتى مملقاً مُضْطَرّا فتشاغل الرّبيع عَن الْقَضَاء واضطرته الْحَاجة إِلَى الِاقْتِضَاء وَقيل قَالَ لَهُ الرّبيع: لَا بُد من معاودته وَإِن أَحْبَبْت دفعت إِلَيْك سلفا من عِنْدِي حَتَّى أعاوده فِيمَا أَمر لَك.
فأبقى ذَلِك حَتَّى إِذا كَانَ فِي بعض اللَّيَالِي قَالَ عِنْد مُنْصَرفه مبتدئاً: وَهَذِه الدَّار يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ يَا بَيت عَاتِكَة الَّذِي أتعزل ثمَّ سكت فَأنْكر الْمَنْصُور هَذَا من حَاله وفكر فيأمره فَعرض الشّعْر على نَفسه فَإِذا فِيهِ.
(وأراك تفعل مَا تَقول وَبَعْضهمْ ... مذق الحَدِيث يَقُول مَا لَا يفعل)
فَقَالَ للربيع: أدفعت للرجل مَا أمرنَا لَهُ بِهِ قَالَ: لَا يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ. قَالَ: فليدفع إِلَيْهِ مضاعفاً.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute