للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

(وإنما أوردت) هذا الكلام يا كرام لتعلموا إن السلطان بمنزلة الإمام وأركانه له تبغ في القعود والقيام ولا يتم الإئتمام إلا بالاتفاق بين الرفاق فإذا كان الجماعة مجمعين طائعين لإمامهم مستمعين استقام القيام وانتهوا من جميل التحيات إلى السلام ولا يقع لهم انتظام مع مخالفتهم لحال الإمام هذا قائم وهذا قاعد وهذا راكع وهذا ساجد وهذا نائم وهذا هاجد وأيضاً السلطان بمنزلة القلب والرأس وبمنزلة الأعضاء رؤساء الناس وباقي الرعية خدم للرأس والأعضاء منتظرين لما تبرز به المراسيم من الزجر والإمضاء فإذا اتفقت الأعضاء واصطلحت انتظمت أمور كل من الرأس والرعية وانصلحت وإذا وقع اختلاف وتباين في الأعضا صار كل من الرأس والقلب والرعية مرضى ولقد صدق من قال وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم وأرضى المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً. وخلاصة هذا الكلام أن قصدي أن تكون أحوال رعيتي على النظام لا يقع بينهم شقاق ولا تنافر ولا نفاق وأما أبو نوفل فيكفيه حياؤه وخجلته فقد انتهت وتمت عقوبته وأخذ حده حده ولا يليق بكرمي أن أرده وهذا الذي ورثته عن أسلافي وهو الحق اللائق بمحاسن شيمي وأوصافي فلما سمع الوزير هذا الكلاموجرح فؤاده نصل هذا الملام ندم غاية الندم وعلم أنه قد زلت به القدم وأنه لا حاجته قضى ولا على صديقه أبقى ولم يستفد مما أبداه من فجم سوى إظهار معاداة أبي التجم وإنه إذا تخلص من حبسه وكربه ورجع عند الملك إلى منادمته وقربه لابد أن يتصدى لمعاداته وسلبه ولا يفيده بعد ذلك أفعاله ولا يسمع في أبي نوفل أقواله فانصرف من

<<  <   >  >>