عمال فلا يستفيد إلا التعويق والتبعيد ففي تلك الحال ينبغي الإمهال لا الإهمال إلى أن يتوجه السعد بالإقبال فعند ذلك مد الشباك وصيد السماك فإن السعد أتاك والدهر واتاك وناهيك قصة كسرى القديم مع وزيره بزرجمهر الحكيم فسأل أخا نهشل بيان ما نقل من المثل أخوه أبو نوفل (فقال) بلغني أن كسرى أراد التنزه فثنى إلى حديقة عنان التوجه وطلب الحكيم بزرجمهر وجلسا تحت دوحة زهر على بركة ماء أصفى من دموع العشاق وأنقى من قلوب الحكماء ثم طلب طائفة من البط لتلعب قدامه في البركة وتنغط وجعل ينادم وزيره ويتلقف منه حكمه المنيره ويتعرج على البط وهو يلعب ويتأمل في أنواع حكم الصانع الخاتم من أصبعه وهو ساه وشاهد بزرجمهر هذا الأمر فما أبداه ولا أنهاه فالتقمته بطة وغطت في الماء غطة وكان فيه فص ثمين وكسرى به من المغرمين فلما سود قلم الاقتدار بياض النهار وأكمل مشقة على قرطاس الأقطار أذن كسرى للوزير بالانصراف وقد أسبغ عليه خلع الأنعام والإسعاف ودخل كسرى إلى الحرم وافتقد من أصبعه الخاتم فلم يتذكر ما جرى له ولا وقف على كيفية هذه الحالة فأرسل يطلب الوزير البارع وسأل منه عن خاتمة الصائغ وكان الوزير قد نظر في الطالع فرأى أن الكلام فيأمر الخاتم غير نافع فلو تكلم بصورة الواقع ذبح جميع البط وما وجد لأن الطالع مانع فكتم أمره وكلمه بكلام الحقيقة الحد جامع مانع ثم أنصرف وذهب واستمر كسرى على الطلب