ولقد رد القرآن هذا التوهم ببساطة ووضوح، وذلك بإثبات أن خلق الله للأشياء كلها إنما يكون بتوجيه الإرادة والأمر، فإذا أراد أن يخلق شيئاً قال له: كن فيكون، ومن كان أمر خلقه كذلك فلا يمكن أن يصيبه الإعياء في القدرة أبداً.
وقد نفى الله أن تصاب قدرته بالإعياء بسبب خلقه للسماوات والأرض وما فيهن، فقال تعالى في سورة (الأحقاف/٤٦ مصحف/٦٦ نزول) :
وعدم الإعياء بالخلق هو مقتضى قدرة الرب الخالق، ولذلك قال الله تعالى مستنكراً لو أن تفكيرهم، متسائلاً تساؤل المتهكم بإنكارهم في سورة (ق/٥٠ مصحف/٣٤ نزول) :
على أن نفي الإعياء ومناقشة المنكرين في هذا الأمر، وكذلك مناقشتهم حول بعض التوهمات الأخرى، إنما هو تنزل من الخالق العظيم إلى مستوى تفكير المنكرين وعقولهم الساذجة، لإقامة الحجة عليهم من جميع الوجوه، ومحاصرتهم محاصرة فكرية ملزمة بالحق، على أن في هذه البيانات لفت نظر إلى حقيقة الربوبية، وأن من مقتضى خصائص صفات الربِّ الخالق قدرته الكاملة على الخلق، وهذه القدرة لها صفة البقاء الأزلي الأبدي، فهي لا تتناقص، ولا تختل، ولا تعرض لها عوارض التغير، فلله الخالق الأزلي الأبدي كلُّ صفات الكمال المطلق.