محمد بن أبي بكر بن عيسى بن بدران السعدي الإِخْنَائِيّ أبو عبد الله تقي الدين المالكي من المائة الثامنة ولد فِي رجب سنة ستين وستمائة.
وكان فِي أول أمره شافعياً، ثُمَّ تحوَّل مالكياً، واستمر أخوه علم الدين شافعياً ونشأ فِي صيانة وديانة.
واستنابه ابن مخلوف، فلما مرض راسله الناصر عمن يصلح للقضاء فقال: أما أولادي فليس فيهم أهلية لذلك، وأجود الجماعة تقي الدين الإِخْنَائِيّ، وَكَانَ إذ ذَاكَ دون الجماعة فِي أعينهم، وإنما قدمه ابن مخلوف لأنه كَانَ متديناً متقشفاً سالكاً طريق السلف فِي مأكله وملبسه ومجلسه.
وكان ابن مخلوف قصير الباع فِي العلم، فكان يعجبه من يكون كذلك. فلما مات ابن مخلوف فِي سنة ثماني عشرة، طلب الناصرُ تقيَّ الدين فخلع عَلَيْهِ وولاه القضاء عوضاً عن ابن مخلوف، وذلك فِي جمادى الآخرة منها.
فعظم ذَلِكَ عَلَى المالكية قاطبة، وَكَانَ المترشح منهم للمنصب جماعة فلم يحضروا عنده، ولا ناب أحد منهم عنه، ولا ركبوا معه ازدراء لَهُ. فمشى عَلَى طريقته فِي الصيانة والديانة والتقشف فِي الملبس والمركب والتواضع مع حسن السمت.