للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يبيع ثمره في السنة بمبلغ ألف درهم أو ما يقاربها، فطلب بعض أهل الزبداني، وقال له: قد احتجت إلى ثمان مائة درهم تعطيني إياها، وهذا البستان ثمرته في هذه السنة لك، فأعطاه المبلغ؛ واتفق أن بساتين الزبداني ضعفت في تلك السنة سوى أماكن يسيرة من جملتها ذلك البستان، فلما أدرك مغله، حرص من دفع ثمرته ثلاثة آلاف درهم، فقال القاضي: ثمرته لفلان، وأما الشخص فإنه يئس منه لعلمه بفساد البيع، وأن ما قاله القاضي له لا يلزمه الوفاء به، وقنع بعود الدراهم إليه فحضر إلى القاضي وخاطبه في ذلك، فقال: البستان ثمرته لك كما وعدتك، بل لو صقع أعدت إليه دراهيمك فحرض به كل الحرض على أن يعطيه الدراهم ويتصرف في البستان، فأبى ذلك، فأباع ذلك البستان بما ينيف عن ثلاثة آلاف درهم وأخذها. فانظر إلى هذه النفس الشريفة واحتقارها للدنيا فرحمه الله ورضى عنه. ولقد أذكر في ذلك شيئاً وقع وهو أن بعض من ولى القضاء ببعلبك طلب خبازاً في فرن المدرسة النورية بها، وقال له: قد أستحق لي جراية شهر تشتريها وتقبضها من القلعة وفاصلها عليها بمبلغ ثلاثين درهماً، وقبضها منه، وطلع الخباز إلى القلعة وتسلمها، فوجدها رديئة لا توافقها فباعها في العرضة بثلاثة وثلاثين درهماً، وبلغ القاضي فطلبه وقال له: البيع لم يصح، فإني ما رأيت القمح؛ وأخذ منه الثلاثة الدراهم، فانظر إلى ما بين الرجلين رحمهما الله تعالى وإيانا وجميع المسلمين.

<<  <  ج: ص:  >  >>