كان اديباً فاضلاً مقتدراً على النظم، وله مشاركة في علوم كثيرة، منها الطب والكحل وغير ذلك من الفقه والنحو والأدب، ويعظ وهو حلو النادرة حسن المحاضرة، لا تملّ مجالسته، وعلى ذهنه من التواريخ والحكايات والأشعار وأيام الناس شيء كثير، وكان أقام بالديار المصرية مدة، ثم استوطن بالشام مدة أكثرها ببعلبك ثم عاد إلى الديار المصرية في السنة الخالية واستوطنها، فلم تطل مدته بها حتى ادركته منيته، فتوفي إلى رحمة الله ليلة الجمعة مستهلّ صفر بالقاهرة من غير مرض، بل عرض له قولنج ليلة وفاته، فمات من وقته، وقد نيف على خمسين سنة من العمر - رحمه الله. وشعره كثير جداً، ويقع له فيه المعاني الجيدة، وكان يكتب خطاً حسناً، ويترِسّل في مكاتباته، وعنده لطافة كثيرة ورقة حاشية، ودماثة إخلاق، ومدة مقامه ببعلبك لا يكاد ينقطع عني. من شعره:
يذكرني نشر الحمى بهبوبه ... زماناً عرفنا كل طيب بطيبه
ليال سرقناها من الدهر خلسة ... وقد امنت عيناي عين رقيبه
فمن لي بذاك العيش لو عاد وانقضى ... ليسكن قلبي ساعة من وجيبه
إلا ان لي شوقاً إلى ساكن الغضا ... أعيذ الغضا من حره ولهيبه
أحنّ لذيّال الجناب ومن به ... يشكرني ذاك الذى من جنوبه
أخا الوجد إن جاوزترمل محجّر ... وجزت بمأهول الجناب رحيبه