للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

«٣» وحجة من قرأه بضمّ التاء أنه حمله على «مارى يماري» إذا جادل، فالمعنى: أفتجادلونه فيما علمه ورآه كما قال: ﴿يُجادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ﴾ «الأنفال ٦»، وقد تواترت الأخبار بمجادلة قريش النبي في أمر الإسراء، والقراءتان متداخلتان، لأن من جادل في إبطال شيء فقد جحده، ومن جحد شيئا جادل في إبطاله، والقراءة بضمّ التاء أحبّ إليّ، لأن الأكثر عليه، ولأن «تمارون» يتعدّى ب «على»، ولا يتعدّى «جحد» ب «على»، فالألف أليق به، لدخول «على» بعده (١).

«٤» قوله: ﴿ضِيزى﴾ قرأها ابن كثير بالهمزة، وقرأ الباقون بغير همز، وهما لغتان حكى التوّزي وغيره: ضأزه يضأزه، إذا ظلمه، فهو مصدر [في] (٢) قراءة من همز كالذكرى، تقديره: قسمة ذات ظلم، وقرأ الباقون بغير همز لغة، يقال: ضازه يضوزه ويضيزه، حكى أبو عبيدة: ضزته حقه وضزته إذا نقصته إياه ومنعته منه، فالمعنى أنه قيل للمشركين: جعلكم البنات لله والبنين لأنفسكم قسمة ضيزى، أي ناقصة جائرة، والأصل في «ضيزى» «ضوزى» لأنه لمّا كانت صفة للقسمة، ولم تأت في الصفات «فعلى» علم أنها «فعلى» لأن «فعلى» تقع كثيرا في الصفات ك «حبلى»، فلمّا كسروا أوله انقلبت الواو ياء في هذا، إذا جعلته من: ضاز يضوز، وإن جعلته من: ضاز يضيز، فالياء في «ضيزى» غير منقلبة من واو، بل هي أصلية، وتكون الواو في «ضوزى» منقلبة من ياء، لانضمام ما قبلها على مذهب من جعله من: ضاز يضيز، ويجوز أن تكون القراءة قراءة من لم يهمز على مثل قراءة من همز، إلاّ أنّه خفّف الهمزة، فأبدل منها ياء لانكسار ما قبلها. فتكون القراءتان بمعنى واحد على لغة


(١) الحجة في القراءات السبع ٣٠٨، وزاد المسير ٨/ ٦٨، وتفسير غريب القرآن ٤٢٨، وتفسير النسفي ٤/ ١٩٥، والمختار في معاني قراءات أهل الأمصار ١٠٦ /ب.
(٢) تكملة لازمة من: ص، ر.