للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

كما قال: ﴿وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي﴾ «الأعراف ١٨٣»، وقال: ﴿أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ﴾ «آل عمران ١٧٨»، وقرأ الباقون بفتح الهمزة واللام، وبألف بعد اللام، وهو الاختيار، لأن الأكثر عليه، فهو في قراءة الجماعة على معنى أنهم بنوه على (١) الإخبار عن الله جلّ ذكره بذلك، فهو فعل سمّي فاعله، والفاعل مضمر في «أملى»، وهو الله جلّ ذكره، مثل (٢) قوله: ﴿أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ﴾ وقوله:

﴿فَأَمْلَيْتُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا﴾ «الرعد ٣٢»، فالمعنى: الشيطان يسوّل لهم، و «أملى الله لهم» أي: أخّر في أعمالهم حتى اكتسبوا السّيئات ولم يعاجلهم بالعقوبة، فالابتداء ب «أملى لهم» في القراءتين حسن، ليفرّق بين فعل منسوب إلى الشيطان وفعل الله جلّ ذكره، وقد قيل: إن المضمر في «وأملى لهم» بفتح الهمزة للشيطان، كأنه الملعون وسوس لهم فبعدت آمالهم حتى ماتوا على كفرهم، فلا يبتدأ ب «أملى لهم» على هذا التقدير، والأول أحسن (٣).

«٦» قوله: ﴿وَاللهُ يَعْلَمُ إِسْرارَهُمْ﴾ قرأه حفص وحمزة والكسائي بكسر الهمزة، جعلوه مصدر «أسرّ»، ووحّد لأنه يدلّ بلفظه على الكثرة، وقرأ الباقون بفتح الهمزة، جعلوه جمع «سر» كعدل وأعدال، وحسن جمعه لاختلاف ضروب الإسرار من بني آدم.

«٧» قوله: ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتّى نَعْلَمَ﴾، ونبلو) قرأه أبو بكر بالياء في الثلاث الكلمات، على الإخبار عن الله جلّ ذكره، حمل ذلك على لفظ الغيبة التي قبله في قوله: ﴿وَاللهُ يَعْلَمُ﴾، وقرأهن الباقون بالنون، على الإخبار من الله جلّ ذكره عن نفسه، لأن قبله إخبارا أيضا في قوله: ﴿وَلَوْ نَشاءُ لَأَرَيْناكَهُمْ﴾ «٣٠» (٤).


(١) ب: «عن» ووجهه من: ص، ر.
(٢) ر: «فهو مثل».
(٣) التيسير ٢٠١، والحجة في القراءات السبع ٣٠٢، وزاد المسير ٧/ ٤٠٩، وتفسير القرطبي ١٦/ ٢٤٩، وتفسير النسفي ٤/ ١٥٤، والمختار في معاني قراءات أهل الأمصار ١٠٤ /أ، والكشف في نكت المعاني والإعراب ١٢٦ /أ.
(٤) زاد المسير ٧/ ٤١١، وتفسير النسفي ٤/ ١٥٥.