للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

على أنه خبر ابتداء محذوف تقديره: وهو يعلم الذين. وقرأ الباقون بالنصب، على الصرف، ومعنى [الصرف] (١) أنه لمّا كان قبله شرط وجواب، وعطف عليه «ويعلم»، لم يحسن في المعنى، لأن علم الله واجب، وما قبله غير واجب فلم يحسن الجزم في «يعلم» على العطف على الشرط وجوابه، لأنه (٢) يصير المعنى:

إن يشأ يعلم، وهو عالم بكل شيء، فلم يحسن العطف على الشرط وجوابه، لأنه غير واجب، و «يعلم الذين» واجب، ولا يعطف واجب على غير واجب، فلمّا امتنع العطف عليه، على لفظه، عطف على مصدره، والمصدر اسم، فلم يتمكن عطف فعل على اسم، فأضمر «أن» فيكون مع الفعل اسما فتعطف اسما على اسم، فانتصب الفعل ب «أن» المضمرة، فالعطف مصروف على لفظ الشرط إلى معناه، فلذلك قيل: نصب على الصرف، وعلى هذا أجازوا: إن تأتني وتعطيني أكرمك. فنصبوا «وتعطيني» على الصرف، لأنه صرف على العطف على «تأتني»، فعطف على مصدره، فأضمرت «أن» لتكون مع الفعل مصدرا، فتعطف اسما على اسم. ولو عطفت على «تأتني» لكان المعنى: إن تأتني وإن تعطني أكرمك. فبوقوع أحد الفعلين يقع الإكرام إذا جزمت، وعطفت على لفظ «تأتني»، ولم يرد المتكلم هذا، إنما أراد إذا اجتمع الأمران منك وقع مني الإكرام، إن يكن منك إتيان وإعطاء أكرمك، أي: إذا اجتمع الوجهان وقع الإكرام. والجزم معناه: إن وقع منك إتيان وإعطاء أكرمك. فالإكرام، مع العطف على اللفظ، يكون بوقوع أحد الفعلين المجزومين، والإكرام، مع النصب في الفعل الثاني، يكون بوقوع الفعلين. والنصب في «ويعلم» أحبّ إليّ، لأن


(١) تكملة لازمة من: ر.
(٢) ب: «لا» وتصويبه من: ص، ر.