للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ﴾. وقوله: ﴿قالُوا بَلى﴾. وبعده أيضا لفظ غيبة في قوله: ﴿وَكُنّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ﴾. وقوله: ﴿وَلَعَلَّهُمْ﴾ «١٧٤».

فحمله على ما قبله وما بعده من لفظ الغيبة. وفي «يقولوا» ضمير الذرية، على معنى: أشهدهم على أنفسهم لئلا يقولوا أو يقولوا قالوا بلى شهدنا، أي: شهد بعضنا على بعض. وقرأ الباقون فيهما بالتاء، ردّوه على لفظ الخطاب المتقدّم في قوله: ﴿أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ﴾، لئلا تقولوا أو تقولوا. أو يكون «شهدنا» من قول الملائكة، لمّا قالوا «بلى» قالت الملائكة: شهدنا أن تقولوا، أي لئلا تقولوا.

وقيل: معنى ذلك أنهم لمّا قالوا بلى. فأقرّوا بالربوبية، قال الله جلّ ذكره للملائكة اشهدوا، قالوا: شهدنا بإقراركم لئلا تقولوا أو تقولوا. وقد روى مجاهد عن ابن عمر أن النبي قال: أخذ ربّك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم كما يؤخذ بالمشط من الرأس، فقال لهم: ألست بربكم قالوا:

بلى، قالت الملائكة: شهدنا أن تقولوا، أي: شهدنا عليكم بالإقرار بالربوبية لئلا تقولوا (١)، فهذا يدل على التاء، وهو الاختيار، لصحة معناه، ولأن الجماعة عليه (٢).

«٦٠» قوله: ﴿يُلْحِدُونَ فِي أَسْمائِهِ﴾ (٣) قرأ حمزة بفتح التاء والحاء.

ومثله في النحل والسجدة (٤)، ووافقه الكسائي على ذلك في النحل خاصة، جعلاه (٥) من «لحد» إذا مال ثلاثيا، وقرأ الباقون «يلحدون» بضمّ الياء وكسر الحاء، جعلوه من «ألحد» إذا مال، وهو أكثر في الاستعمال، فهو رباعي، وهما لغتان، يقال: لحد وألحد إذا عدل عن الاستقامة، ودليل ضمّ الياء إجماعهم على قوله:


(١) رواه ابن كثير بالطريق نفسه، انظر تفسيره ٢/ ٢٦٢
(٢) زاد المسير ٣/ ٢٨٥، وتفسير ابن كثير ٢/ ٢٦٤، ومعاني القرآن ١/ ٢٩٧
(٣) سيأتي ذكره في سورة النحل بأولها.
(٤) حرفاهما هما: (آ ١٠٣، ٤٠).
(٥) ر: «جعلاه ثلاثيا».