للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

«٢» قوله: ﴿أَنْ صَدُّوكُمْ﴾ (١) قرأه أبو عمرو وابن كثير بكسر الهمزة، وقرأ الباقون بالفتح.

وحجة من كسر أنه جعله أمرا منتظرا، تقديره: إن وقع صدّ فيما يستقبل فلا يكسبنكم الاعتداء، ف «إن» للشرط، والصدّ منتظر وقوعه. وفي حرف ابن مسعود «إن صدوكم» فهذا يدل على انتظار صدّ، ويجوز أن يكون الصدّ قد مضى، مع كسر (٢) «إن»، على معنى: لا يكسبنكم بغض قوم الاعتداء إن صدوكم، كما جرى فيما مضى من الصد، فتحقيقه: «إن عادوا إلى الصدّ الذي أكسبكم (٣) البغض لهم»، فيكون الشرط مستقبلا على «بأن»، وهو مثال لأمر قد مضى، لأن معناه: إن وقع مثل الصدّ الذي مضى فلا يكسبنكم بغض قوم الاعتداء. والتفسير والإخبار على أنه أمر قد كان، وصدّ قد وقع، فالكسرة في «إن» أولى، على أنه مثال لما مضى. وعلى هذا أنشد سيبويه قول الفرزدق:

أتغضب إن أذنا قتيبة حزّنا جهارا … ولم تغضب لقتل ابن خازم (٤)

أنشده بكسر «إن»، والذي بعدها أمر قد كان ووقع، لكنه على معنى المثال، على معنى: أتغضب إن وقع مثل حزّ أذني قتيبة.

«٣» وحجة من فتح «أن» أنه هو الظاهر في التلاوة، وعليه أتى التفسير، لأن المشركين صدوا النبي والمسلمين عن البيت، ومنعوهم دخول مكة، فهو أمر قد مضى، قال الله جلّ ذكره: لا يكسبنكم بغض قوم من أجل أن صدوكم عن المسجد الحرام الاعتداء. والفتح الاختيار، لأن عليه أتى التفسير أنه أمر قد مضى، وهو ظاهر اللفظ، ولأن أكثر القراء عليه (٥).


(١) سيأتي له نظير في سورة الزخرف، الفقرة «٢».
(٢) لفظ «كسر» سقط من: ص.
(٣) ب: «كسبكم» ووجهته بما في: ص.
(٤) فهرس شواهد سيبويه ١٤٢، ومراتب النحويين ١٦
(٥) الحجة في القراءات السبع ١٠٤، وزاد المسير ٢/ ٢٧٦، والمختار في معاني قراءات أهل الأمصار ٢٧ /ب، وتفسير مشكل إعراب القرآن ٥٤ /ب.