للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إلى من لا يملك لك ضرا ولا نفعا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا، فلا غنى لك عنه طرفة عين، بل أنت مضطر إليه على مدى الأنفاس ظاهرا وباطنا، يسبغ عليك النعم، وأنت تتبغض إليه بالمعاصي والكفر مع شدة الضرورة إليه من كل وجه، قد اتخذته نسيا ومردك إليه ومرجعك وموقفك بين يديه " (١) .

يا أيها الإنسان: نظرا لضعفك وعجزك عن تحمل تبعات ذنوبك: {يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا} [النساء: ٢٨] (٢) أرسل الله الرسل، وأنزل الكتب، وشرع الشرائع، ونصب أمامك الطريق المستقيم، وأقام البينات والحجج والشواهد والبراهين، حتى جعل لك في كل شيء آية دالة على وحدانيته وربوبيته وألوهيته، وأنت تدفع الحق بالباطل، وتتخذ الشيطان وليا من دون الله، وتجادل بالباطل: {وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا} [الكهف: ٥٤] (٣) أنستك نعم الله التي تتقلب فيها بدايتك ونهايتك! أولا تذكر أنك خلقت من نطفة؟ ومردك إلى حفرة، ومبعثك إلى جنة أو نار، قال تعالى: {أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ - وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ - قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ} [يس: ٧٧ - ٧٩] (٤) قال تعالى


(١) بتصرف من الفوائد لابن القيم، ص: ٥٦.
(٢) سورة النساء، الآية: ٢٨.
(٣) سورة الكهف، الآية: ٥٤.
(٤) سورة يس، الآيات: ٧٧ - ٧٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>