للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي (١) كلامِ أبي الخَطَّاب: كَتَبَه بحضْرَتِنا، وقال لنا (٢): اشْهَدا عليَّ، كتبتُه (٣) في عَمَلي، فثَبَتَ عِنْدِي، وحَكَمْتُ به مِنْ كذا وكذا، فيَشهَدانِ بذلك؛ لِأنَّ الكتابَ لا يُقبَلُ إلَّا إذا وَصَلَ من (٤) مجلس (٥) عَمَلِه.

(وَالاِحْتِيَاطُ: أَنْ يَشْهَدَا بِمَا فِيهِ، وَبِخَتْمِهِ)؛ لِأنَّه أبْلَغُ، (وَلَا يُشْتَرَطُ خَتْمُهُ)؛ لِأنَّه « كَتَبَ إلى قَيصَرَ ولم يَختِمْه، فقِيلَ له: إنَّه لا يَقرَأُ كِتابًا غَيرَ مَختومٍ، فاتَّخَذَ الخاتمَ» (٦).

وحاصِلُه: أنَّه يُقبَلُ، سَواءٌ كان مَختومًا أوْ غَيرَ مَختُومٍ، مَفْتولاً أَوْ غَيرَ مفتولٍ (٧)؛ لِأنَّ الاِعْتِمادَ على شهادتهما، لا على الخَطِّ والخَتْمِ.

فإنِ انْمَحَى الخَطُّ، وكانا يَحفَظانِ ما فيه؛ جاز لهما أنْ يَشهَدا بذلك.

فائدةٌ: لا يُشْتَرَطُ أنْ يَذكُرَ القاضِي الكاتِبُ اسْمَه في العُنْوانِ، ولا ذِكْرَ المكْتوب إلَيهِ في باطنه.

وقال أبو حَنِيفَةَ (٨): إذا لم يَذكُر اسْمَه لا يُقبَلُ؛ لِأنَّ الكتابَ إلَيهِ، ولا يَكفِي ذِكْرُ اسْمِه في العنوان دُونَ باطِنِه؛ لِأنَّ ذلك لم يَقَعْ على وَجْهِ المخاطَبَةِ.

(وَإِنْ كَتَبَ كِتَابًا وَأَدْرَجَهُ وَخَتَمَهُ، وَقَالَ: هَذَا كِتَابِي إِلَى فُلَانٍ، اشْهَدَا عَلَيَّ بِمَا فِيهِ؛ لَمْ يَصِحَّ)، قدَّمه في «المحرَّر» و «المستوعب» و «الفروع»، وجَزَمَ به في «الوجيز»، وهو قَولُ أكْثرِ العُلَماء؛ لِأنَّهما شَهِدا بمَجْهولٍ لا يَعلَمانِه، فلم


(١) في (ن): في.
(٢) قوله: (لنا) سقط من (م).
(٣) في (م): كتبه.
(٤) في (ظ): في.
(٥) قوله: (مجلس) سقط من (م).
(٦) أخرجه البخاري (٦٥)، ومسلم (٢٠٩٢)، من حديث أنس .
(٧) في (م): مقبولاً أو غير مقبول، وفي (ن): مقتولاً أو غير مقتول.
(٨) ينظر: الأصل للشيباني ١١/ ٥٥٠، المبسوط ١٦/ ١٠١.