للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عَلَيهِ، فَجَازَ الحُكْمُ به؛ كالجَرْح والتَّعديل، وكما (١) لو قامَتْ به (٢) البَيِّنَةُ.

وعن أحمدَ: يَجُوزُ ذلك إلَّا في الحدود.

وقال (٣) ابنُ أبي مُوسَى: لا اخْتِلافَ عَنْه أنَّه لا يَحكُمُ بعِلْمِه في الحدود، وهل يَحكُمُ به في غَيرِه؟ على رِوايَتَينِ، نَقَلَ حنبلٌ: إذا رآه على حَدٍّ لم يكُنْ له أنْ يُقِيمَه إلَّا بشهادةِ مَنْ شَهِدَ معه؛ لِأنَّ شَهادَتَه شَهادةُ رَجُلٍ، ونُقِل أيضًا: أنَّهما يَذهَبانِ إلى حاكِمٍ آخَرَ (٤).

والأوَّلُ أظْهَرُ، وأجاب في «الشَّرح» عن حديثِ هِند: أنَّه فُتْيَا لا حُكْمٌ، بدليلِ عَدَمِ حُضُورِ أبي سُفْيانَ، ولو كان حُكْمًا لم يَحكُمْ عَلَيهِ في غَيبَتِه، ويُفارِقُ الحُكْمَ بالشَّهادة، فإنَّه لا يُفْضِي إلى تُهمةٍ، بخِلافِ مَسأَلَتِنا.

وأمَّا الجَرْحُ والتَّعديلُ: فإنَّه يَحكُمُ فيه بعِلْمِه بغَيرِ خِلافٍ (٥)؛ لِأنَّه لو لم يَحكُمْ بعَلْمِه لَتَسَلْسَلَ، ولِأنَّه لا يَجُوزُ له قَبولُ شهادةِ مَنْ يَعلَمُ فِسْقَه، ولِأنَّ التُّهمةَ لا تَلحَقُه في ذلك؛ لِأنَّ صِفاتِ الشُّهودِ مَعْنًى ظاهِرٌ.

وقال القاضِي وجماعةٌ: لَيسَ هذا بحُكْمٍ؛ لِأنَّه يُعدِّلُ هو ويَجرَحُ غَيرُه، ويَجرَحُ هو ويُعدِّلُ غيرُه (٦)، ولو كان حُكْمًا؛ لم يكُنْ لغَيرِه نَقْضُه.

وعلى المنْعِ: هل عِلْمُه كشاهِدٍ؟ فيه وَجْهانِ.

(وَإِنْ قَالَ المُدَّعِي: مَا لِي بَيِّنَةٌ؛ فَالْقَوْلُ قَوْلُ المُنْكِرِ مَعَ يَمِينِهِ)؛ للخَبَر، ولِأنَّ الأصْلَ بَراءةُ ذِمَّتِه، (فَيُعْلِمُهُ أَنَّ لَهُ الْيَمِينَ عَلَى خَصْمِهِ)؛ لِأنَّه مَوضِعُ حاجَةٍ.


(١) في (م): وكذا.
(٢) قوله: (به) سقط من (م).
(٣) في (ن): قال.
(٤) تنظر الروايتان في: زاد المسافر ٣/ ٤٨٨. والرواية الثانية رواها حرب.
(٥) ينظر: المغني ١٠/ ٥٠.
(٦) قوله: (ولو كان حكمًا لم يحك عليه … ) إلى هنا سقط من (م).