للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وابنُ عبَّاسٍ (١)، وسَلْمانُ (٢)، وعن عبدِ الرَّحْمنِ بنِ سَمُرَةَ: أنَّ النَّبيَّ قال: «يا عبدَ الرَّحْمن! إذا حَلَفْتَ على يمينٍ فرَأَيتَ غَيرَها خَيرًا منها؛ فكفِّرْ عن يمينك، ثُمَّ ائتِ الَّذي هو خَيْرٌ» رواه أبو داودَ والنَّسائيُّ، ورجالُه ثِقاتٌ (٣)، ولِأنَّه كَفَّرَ بَعْدَ سَبَبِه، فجازَ؛ ككفَّارةِ الظِّهار، والقَتْل بَعْدَ الجَرْح، وكتَعجِيلِ الزِّكاة بَعْدَ وُجودِ النِّصاب، والحِنْثُ شَرْطٌ ولَيسَ بِسَبَبٍ.

وظاهِرُه: أنَّهما سَواءٌ في الفضيلة، نَصَّ عَلَيهِ (٤)

وعَنْهُ: بَعْدَه أفْضَلُ؛ للخُروج من الخِلاف.

وهذا محلُّه: ما لم يكُن الحِنْثُ حَرامًا، فإنَّه إذا كان كذلك؛ كفَّرَ بَعْدَه مُطلَقًا.

وفي «الواضح»: على رِوايَةِ حِنْثِه بعزمه (٥) على مُخالَفَةِ يَمِينِه بِنِيَّتِه؛ لا يَجُوزُ، بل لا يَصِحُّ.

وفيه رِوايَةٌ: لا يَجُوزُ بصَومٍ؛ لأِنَّه تقديمُ عِبادةٍ؛ كصِلاةٍ.


(١) لم نقف على أثر عن ابن عباس يدل على تقديم الكفّارة، وقد أخرج عبد الرزاق (١٦١١٠) عن الأسلمي، عن رجل سماه، عن محمد بن زياد، عن ميمون بن مهران، عن ابن عباس : «أنه كان لا يكفر حتى يحنث»، وسنده ضعيف جدًّا؛ محمد بن زياد اليشكري، المعروف بالميموني: كذاب خبيث، قاله أحمد. ينظر: العلل ومعرفة الرجال (٥٣٢٢)، تهذيب الكمال ٢٥/ ٢٢٢.
(٢) أخرجه عبد الرزاق (١٦١٠٩)، عن ابن جريج، سمعت يزيد بن إبراهيم، أو أخبرني من سمعه يحدث عن ابن سيرين قال: «كان سلمان يكفِّر قبل أن يحنث»، وإسناده لا بأس به، وسلمان المقصود به: سلمان بن عامر الضبي وهو صحابي، وليس الفارسي؛ فإن ابن سيرين لم يدرك سلمان الفارسي . ينظر: جامع التحصيل للعلائي (ص ٢٦٤).
(٣) أخرجه أبو داود (٣٢٧٧)، والنسائي (٣٧٨٣)، من طرق عن الحسن، عن عبد الرحمن بن سمرة والحديث أخرجه الشيخان من هذا الطريق، وقد تقدم تخريجه ١٠/ ٤٥ حاشية (٥).
(٤) ينظر: مسائل صالح ٣/ ٥٤.
(٥) في (م): غير نية.