للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(وَهَلْ يَجِبُ الحَدُّ (١) بِوُجُودِ الرَّائِحَةِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ):

أظْهَرُهما: لا يَجِبُ، وقدَّمه في «الكافي» و «الرِّعاية» و «الفروع»، وهو قَولُ أكثرِ العُلَماء، فعلى هذا: يُعزَّرُ، نَصَّ عَلَيهِ (٢)، واخْتارَهُ الخَلاَّلُ، كحاضِرٍ مع مَنْ يَشربُها (٣)، نَقَلَه أبو طالِبٍ (٤).

والثَّانِيَةُ: أنَّه يُحَدُّ، قال ابنُ أبي موسى في «الإرشاد»: وهي الأظْهَرُ عنه، رُوِيَ عن عمرَ (٥) وابنِ مَسْعودٍ (٦)؛ لأِنَّ الرَّائحةَ تَدُلُّ على شُرْبِه لها، فجَرَى مَجْرَى الإقرارِ.

قال في «الشَّرح»: والأوَّلُ أَوْلَى؛ لأِنَّ الرَّائحةَ يَحتَمِلُ أنَّه تَمَضْمَضَ بها، أوْ ظَنَّها ماءً، أوْ أَكَلَ نَبِقًا تالفًا (٧)، أوْ شَرِبَ شَرابَ تُفَّاحٍ؛ فإنَّه يكُونُ منه كرائحة الخمر، والحَدُّ يُدرَأ بالشُّبهة.

فائدةٌ: يُستَعْمَلُ لقَطْعِ رائحة الخَمْر: الكُسْفُرةُ، وعِرْقُ البَنَفْسَجِ، والثُّوم، وما أشْبَهَ ذلك ممَّا له رائحةٌ قَوِيَّةٌ.


(١) زيد في (م): في.
(٢) ينظر: الفروع ١٠/ ٧٠.
(٣) في (ن): شربها.
(٤) ينظر: الفروع ١٠/ ٧٠.
(٥) أخرجه ابن أبي شيبة (٢٨٦٢٨)، والدارقطني (٣٣٤٦)، عن السائب بن يزيد: «أن عمر كان يضرب في الريح»، ولفظ الدارقطني: «أنه جلد رجلاً وجد منه ريح الخمر الحد تامًّا»، وإسناده صحيح.
(٦) أخرجه البخاري (٥٠٠١)، ومسلم (٨٠١)، عن علقمة، قال: كنا بحمص فقرأ ابن مسعود سورة يوسف، فقال رجل: ما هكذا أنزلت، قال: قرأت على رسول الله فقال: «أحسنت»، ووجد منه ريح الخمر، فقال: أتجمع أن تُكذِّب بكتاب الله وتشرب الخمر، فضربه الحد.
(٧) في (م): نبقًا بالقاف، وفي (ن): شفاء بالفاء.