المَشُوبَ لَيسَ بلَبَنٍ خالِصٍ، فلم يُحرِّمْ كالماء.
(وَقَالَ (١) ابْنُ حَامِدٍ: إِنْ غَلَبَ اللَّبَنُ؛ حَرَّمَ)، وذَكَرَه في «عُيونِ المسائلِ» الصَّحيح من المذْهَب؛ لأِنَّ الحُكمَ للأغْلَبِ في كثيرٍ من الصُّوَر، فكذا هُنَا، (وَإِلاَّ فَلَا)؛ أيْ: إذا لم يَغلِبِ اللَّبَنُ لم يُحرِّمْ؛ لأِنَّه يَزُولُ بذلك الاِسْمُ والمعنى المرادُ.
وهذا كله إذا كانت صفاتُ اللَّبَنِ باقيةً، ذَكَرَه في «المغْنِي» و «الشَّرح»، فلو صبَّه في ماءٍ كثيرٍ لم يَتغيَّرْ به؛ لم يَثبُت التَّحريمُ؛ لأِنَّ هذا لَيسَ بمُشوبٍ، ولا يَحصُلُ به التَّغذِّي، ولا إنبات (٢) اللَّحْم، ولا إنْشار العَظْم.
وقال القاضي: يُحرِّمُ؛ لأِنَّ أجزاءَ اللَّبن (٣) حَصل في بطنِه، أشْبَهَ ما لو كان ظاهِرًا.
وجَوابُه: أنَّ هذا لَيسَ برَضاعٍ ولا هو في مَعْناهُ.
فرعٌ: إذا عُمِلَ اللَّبنُ جُبْنًا؛ حرَّمَ في الأصحِّ؛ لأِنَّه واصِلٌ من الحَلْق يَحصُلُ به إنْباتُ اللَّحْم.
وعنه: لا؛ لِزوالِ الاِسْم، وإذا قُلْنا: الوجُورُ لا يُحرِّمُ؛ فهذا أَوْلَى.
(وَالحُقْنَةُ لَا تَنْشُرُ الْحُرْمَةَ، نَصَّ عَلَيْهِ (٤)، وقدَّمه في «المستوعب» و «الرِّعاية»، ونَصَرَه المؤلِّفُ؛ لأِنَّ هذا لَيسَ برَضاعٍ، ولا يَحصُلُ به التَّغذِّي، فلَمْ يَنشُرِ الحُرْمةَ؛ كما لو قَطَرَ في إحْليلِه، وكما لو وَصَلَ مِنْ جُرْحٍ.
(وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ)، وابْنُ أبي مُوسَى: (يَنْشُرُهَا)؛ لأِنَّه سبيلٌ يَحصُلُ
(١) في (م): قال.
(٢) في (م): ولا نبات.
(٣) في (م): للبن.
(٤) ينظر: المغني ٨/ ١٧٤.