للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نَعلَمُ فيه خِلافًا (١)، فإنْ مات أحدُهما قَبْلَ تمامِ اللِّعان؛ وَرِثَه الآخَرُ في قَول الجُمهور، فإنْ تَمَّ اللِّعانُ بَينَهما، فماتَ أحدُهما قَبْلَ تفريقِ الحاكِم؛ لم يتوارَثا في الأَشْهَر؛ لأِنَّ اللِّعانَ يقتَضِي التَّحريمَ المؤبَّدَ، فلم يُعتَبَر فيه التَّفريقُ؛ كالرَّضاع. والثَّانية: يَتَوارثانِ (٢)؛ لأِنَّه « فرَّق بَينَهما» (٣)، ولو حصل التَّفريقُ باللِّعان لم يَحتَجْ إلى تفريقه، لكِنْ لو فرَّق بَينَهما قَبْلَ تمامه؛ لم تَقَعِ الفُرْقةُ، ولم يَنقَطِع التَّوارُثُ في قَول الجماعة.

وهذا في تَوارُث الزَّوجَينِ، فأمَّا الوَلَدُ؛ فالأصحُّ أنَّه يَنتَفِي عن الملاعِن إذا تَمَّ اللِّعانُ بَينَهما من غَيرِ اعْتِبارِ تفريقِ الحاكم، فإنْ لم يَكُنْ ذَكَرَه في اللِّعان؛ لم يَنتَفِ عن الملاعِن، ولم يَنقَطِع التَّوارُثُ بَينَهما.

وقال أبو بكرٍ: يَنتَفِي بزَوالِ الفراشِ؛ لأِنَّه نَفَى الوَلَدَ عن المُلاعِنِ، وألْحَقَه بأُمِّه، ولم يَذكُرْه في لِعانه؛ لأِنَّه كان حَمْلاً في البطن.

وفي «الرِّعاية»: إنْ قَذَفَها ولَاعَنَها في مرضِ موتِه؛ وَرِثَتْه. وقِيلَ: لا.

وإنْ قَذَفَها في صحَّته، ولَاعَنَها في مَرضِ مَوتِه، وافْتَرَقا، فمات؛ فروايتانِ.

وإنْ أكْذَبَ نفسَه؛ لم تَرِثْه.

فإنْ نَفَى في لِعانِه وَلَدَها؛ انْقَطَعَ نَسَبُه عنه، ولم يتوارَثَا، فإنْ اسْتَلْحَقَه بعدُ؛ لَحِقَه وتوارَثَا.

تنبيهٌ: إذا ادَّعَتْه امرأةٌ دُونَ زَوجِها، وأُلْحِقَ بها؛ فهو كَوَلَدِ المُلاعَنَةِ، وكذا


(١) ينظر: المغني ٦/ ٣٤٠.
(٢) في (ق): يتوارثا.
(٣) أخرجه البخاري (٥٣١٥)، ومسلم (١٤٩٤)، عن ابن عمر : «أن النبي لاعن بين رجل وامرأته، فانتفى من ولدها، ففرّق بينهما، وألحق الولد بالمرأة».