للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بعض، فاشتغال العبد بما يحسن من الأعمال ويكون أنفع للأمة، أفضل من تكلفه الاشتغال بعمل لا يحسنه أو يضعف عنه، وإن كان هذا المُتَكَلَّف هو أفضل من حيث الجنس.

وقد دلت على هذه المسألة عدة أدلة منها:

قول الله تعالى: ﴿قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَى سَبِيلاً﴾. (١)

قال ابن عباس في معنى قول الله تعالى: ﴿على شاكلته﴾ «على ناحيته».

وعن مجاهد قال: «على طبيعته على حِدَته».

وقال الحسن وقتادة: «على نيته».

وقال مقاتل «على خليقته».

وقال الفراء: «على طريقته التي جبل عليها».

وقال القتيبي: «على طريقته وجبلته». (٢)

وقال ابن القيم في تفسير الآية: «كل يعمل على ما يشاكله ويناسبه ويليق به … فالمريد الصادق المحب يعمل ما هو اللائق به والمناسب له». (٣)

والآية وإن وردت مورد الخبر عن عموم الناس، وأن كل واحد هو عامل بما يناسب طبيعته، وما جبل عليه، إلا أنها متضمنة توجيه أهل الإيمان إلى العمل بما يناسب قدراتهم وطبائعهم، كما تقدمت الإشارة إلى هذا في كلام ابن القيم ، وهذا المعنى هو الذي دلت عليه الأحاديث الصحيحة وأرشد النبي إليه أمته في قوله: «عليكم من العمل ما تطيقون». وما جاء في معناه من الأحاديث


(١) سورة الإسراء (٨٤).
(٢) مدارج السالكين ٢/ ٣٧١.
(٣) انظر تفسير الطبري ٨/ ١٤٠، ١٤١ وتفسير البغوي ٣/ ١٣٣.

<<  <   >  >>