فهذا مما لم يسبقه إليه أحد من أهل البدع والضلال أن تكون الحجة على أن مقالة من المقالات لا تكون كفرًا؛ لأن هذه الطائفة قالت بها، بل هذا لم يحتج به المعتزلة أنفسهم لتقرير مذهبهم في خلق القرآن أنه حق، ولا يمكن أن يكون كفرًا لأنهم قالوا به.
وهذا في الحقيقة إنما يدل على تعظيم المعتزلة وغيرهم من أئمة الضلال في نفس هذا المخذول، في مقابل بغضه لأهل السنة وانحرافه عنهم واحتقاره لهم، وبحسب الرجل من الضلال أن يكون على هذه الحال، فنسأل الله بمنه وكرمه أن يعصمنا من مضلات الفتن وألا يزيغ قلوبنا بعد الهدى.
وأما ما ادعاه مِنْ أن جمهور أهل السنة من الشافعية، والمالكية، والأحناف، يقولون بخلق اللفظ بالقرآن: فكذب وافتراء، بل الذي عليه أهل السنة قاطبة من الأئمة الأربعة وأتباعهم وغيرهم من أئمة أهل السنة: أن القرآن بلفظه ومعناه هو كلام الله، بل إنه لا يعرف لدى عامة العقلاء أن يكون كلام متكلم بغير لفظ ومعنى، كما نقل إجماع الناس على ذلك الإمام أبو نصر السجزي في كتابه:«الرد على مَنْ أنكر الحرف والصوت» حيث قرر أنه لم يكن بين الناس نزاع في هذه المسألة إلى زمن ابن كُلَّاب الذي أظهر القول بأن حقيقة الكلام هو المعنَى النفسي دون الألفاظ والحروف؛ فخالف بذلك إجماع عامة العقلاء وسائر أهل الإسلام.
يقول ﵀: «اعلموا -أرشدنا الله وإياكم- أنه لم يكن خلاف بين الخلق على اختلاف نحلهم من أول الزمان إلى الوقت الذي أظهر فيه ابن كلاب والقلانسي والصالحي والأشعري وأقرانهم الذين يتظاهرون بالرد على المعتزلة وهم معهم، بل