أقول: أما ما ذكره ابن المديني عن يحيى بن سعيد القطان من أنه يعوج فمه إذا ذُكر غندر كأنه يضعفه، فهو جرح غير مفسَّر ومعارض بأقوال الأئمة التي تقدم ذكرها، وغندر قرين ليحيى بن سعيد، فيحمل هذا على أنه من كلام الأقران بعضهم في بعض. وأما وصف ابن حبان لغندر بالغفلة، فالظاهر أنه استند على حكاية فيها تَنَدُّر، ذُكرت في ترجمة غندر، وهي: أنه اشترى سمكًا، وقال لأهله: أصلحوه، ونام فأكلوا السمك، ولطّخوا يده، فلما انتبه قال: هاتوا السمك، فقالوا: قد أكلت، قال: لا، قالوا: فشُمَّ يَدَك، ففعل، فقال: صدقتم، ولكني ما شبعت. وقد أنكر غندر هذه الحكاية كما في "ميزان الاعتدال" (٣ / ٥٠٢) ، وقال: ((أما كان يَدُلُّني بطني؟!)) . ولذا قال يحيى بن معين: ((كان غندر أصح الناس كتابًا، أراد بعض الناس أن يخطِّئه فلم يقدر، أخرج إلينا كتابًا، فقال: اجْهدوا أن تخرجوا فيه خطأ، فما وجدنا شيئًا، وكان يصوم يومًا ويفطر يومًا منذ خمسين سنة)) ، ولما ذكره الذهبي =