وأما الجرح الثاني، وهو ما أُخذ عليه في تفرده بحديثين، حتى إن عبد الله بن الإمام أحمد ذكرهما لأبيه، قال: ((فأنكر أبي هذه الأحاديث، مع أحاديث من هذا النحو أنكرها جدًّا وقال: هذه موضوعة، أو: كأنها موضوعة)) . وقال أبو الفتح الأزدي: ((رأيت أصحابنا يذكرون أن عثمان روى أحاديث، لا يتابع عليها)) . قال الذهبي: ((قلت: عثمان لا يحتاج إلى متابع، ولا ينكر له أن ينفرد بأحاديث لِسَعةِ ما روى، وقد يغلط، وقد اعتمده الشيخان في صحيحهما، وروى عنه أبو يعلى والبغوي والناس، وقد سئل عنه أحمد، فقال: ما علمت إلا خيرًا، وأثنى عليه، وقال يحيى: ثقة مأمون)) . انظر فيما سبق "ميزان الاعتدال" (٣ / ٣٦ - ٣٧) . وقال الذهبي في "سير أعلام النبلاء" (١١ / ١٥٢) : ((لا ريب أنه كان في حافظًا متقنًا، وقد تفرد في سعة علمه بخبرين منكرين عن جرير الضَّبِّي، ذكرتهما في "ميزان الاعتدال"، غضب أحمد بن حنبل منه لكونه حدث بهما)) . قلت: لكن هناك ما يمكن أن يستدل به على أن الحمل فيهما على غير عثمان؛ فإن الخطيب البغدادي - رحمه الله - ذكر الحديثين في "تاريخ بغداد" (١١ / ٢٨٤ - ٢٨٦) ، أما الأول، فرواه عثمان، عن جرير، عن شيبة بن نعامة، عن فاطمة بنت حسين، عن فاطمة الكبرى، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - في العصبة. فهذا ذكر الخطيب أن عثمان قد تُوبع عليه؛ قال الخطيب: ((أما حديث شيبة، فقد رواه عن جرير غير عثمان..)) ، ثم ساقه بإسنادين أحدهما عن أبي العوّام، والآخر، عن حسين الأشقر، كلاهما عن جرير به. وأما الآخر، فرواه عثمان عن جرير، عن سفيان الثوري، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ ابن عقيل، عن جابر قال: كان النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في أول الأمر يشهد مع المشركين =