يوم بدر في الصف نظرت عن يميني وعن شمالي فاذا أنا بين غلامين من الأنصار حديثة أسنانهما تمنيت لوكنت بين أضلع (١) منهما فغمزني أحدهما فقال يا عم هل تعرف أبا جهل؟ قال قلت نعم وماحاجتك بابن أخي؟ قال بلغني أنه سب رسول الله صلي الله عليه وسلم والذي نفسي بيده لو رأيته لم يفارق سوادي سواده (٢) حتي يموت الأعجل منا، قال فغمزني الآخر فقال لي بمثلها فتعجبت لذلك، قال فلم أنشب (٣) أن نظرت الي أبي جهل يجول في الناس فقلت لهما الا تريان؟ هذا صاحبكما الذي تسألان عنه، فابتدراه فاستقبلهما فضرباه حتي قتلاه ثم انصرفا الي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبراه فقال ايكما قتله؟ فقال كل واحد منهما أنا قتلته قال هل مسحتما سيفيكما؟ قالا لا، فنظر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في السيفين فقال كلا كما قتله (٤) وقضي بسلبه لمعاذ بن عمرو بن الجموح (٥) وهما معاذ بن عمر ابن الجموح ومعاذ بن عفراء (عن أنس)(٦) قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم بدر من ينظر ما فعل أبو جهل؟ فانطلق ابن مسعود فوجد ابني عفراء قد ضرباه حتي برد (٧)(وفي رواية حتي برك) فأخذ
عبد الرحمن بن عوف عن أبيه عن جده عبد الرحمن بن عوف الخ (غريبه) (١) بفتح اللام المهملة أي بين أقوي منهما وأعظم وأشد (٢) أي شخصي شخصه وكل شخص من متاع أو انسان أو غيره سواد لأنه يري من بعيد أسود (وقوله الأعجل منا) أي الأقرب أجلا إصرار علي قتله أو يموت دونه (٣) اي لم البث ان نظرت الي أبي جهل الخ (٤) قال المهلب نظره - صلى الله عليه وسلم - في السيفين ليري ما بلغ الدم من سيفيهما ومقدار عمق دخولهما في جسم المقتول ليحكم بالسلب لمن كان في ذلك ابلغ ولذلك سألهما أولا هل مسحتما سيفيكما أم لا؟ لأنهما لو مسحاهما لما تبين المراد من ذلك، وانما قال كلا كما قتله وان كان احدهما هو الذي أثخنه ليطيب نفس الآخر (٥) كونه - صلى الله عليه وسلم - قضي بسلبه لمعاذ بن عمرو بن الجموح دون معاذ بن عفراء يدل علي ان ابن الجموح هو الذي اثخنه اه (قلت) وفي استحقاق السلب للقاتل خلاف بين الأئمة ذكرته مبسوطا في كتابي بدائع المنن، في جمع وترتيب مسند الشافعي والسنن مع تفسير السلب وضبطه في الجزء الثاني منه في باب ان السلب للقاتل من كتاب الجهاد في شرح حديث أبي قتادة رقم ١٦٦٧ صحيفة ١١٥ فارجع اليه ففيه ما يسرك والله الموفق (تخريجه) (ق) وغيرهما (٦) (سنده) حدثنا يحي عن شعبة ثنا التيمي عن أنس (يعني ابن مالك الخ) (غريبه) (٧) أي مات قال الحافظ هما معاذ ومعوذ كما سيأتي بيانه (قلت) وتقدم في الحديث السابق عند الامام احمد وعند الشيخين أيضا ان اللذين قتلاه معاذ بن عمرو بن الجموح ومعاذ بن عفران وهو ابن الحارث، وعفراء أمه وهي ابنة عبيد بن ثعلبة النجارية (قال الحافظ) وأما ابن عمرو بن الجموح فليس اسم أمه عفراء وانما اطلق عليه تغليبا، ومحتمل ان تكون أم معوذ أيضا تسمي عفراء أو أنه لما كان لمعوذ أخ يسمي معاذا باسم الذي شركه في قتل أبي جهل ظنه الراوي أخاه (وقد اخرج الحاكم) من طريق أبي اسحاق حدثني ثور بن يزيد عن عكرمة عن ابن عباس (قال ابن اسحاق) وحدثني عبد الله بن أبي بكر حزم قال قال معاذ بن عمرو بن الجموح سمعتهم يقولون وابو جهل في مثل الحرجة (بالتحريك شجرة من الأشجار لا يوصل اليها) أبو جهل الحكم لا يخلص اليه فجعلته من شأني فعمدت نحوه فلما امكنني حملت عليه فضربته ضربة أطنت قدمه (أي قطعته) وضربني ابنه عكرمة علي عاتقي فطرح يدي، قال ثم عاش معاذ الي زمن عثمان، قال ومر بأبي جهل معوذ بن عفراء