للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>


طواف بالبيت معمول في وقت طواف الوجوب الذي هو طواف الإفاضة بخلاف طواف القدوم الذي هو قبل وقت طواف الإفاضة (واجمعوا) على أن المكي ليس عليه إلا طواف الإفاضة كما أجمعوا على أنه ليس على المعتمر إلا طواف القدوم، وسيأتي الكلام على طواف القارن والمتمتع والمفرد في أبوابه، ونتكلم الآن على طواف القدوم لأنه المقصود بالترجمة فنقول (أما طواف القدوم) فقد اختلف في وجوبه فذهب الإمامان (مالك وأبو ثور) وبعض أصحاب الإمام الشافعي إلى أنه فرض لقوله تعالى " ليطوفوا بالبيت العتيق" ولفعله صلى الله عليه وسلم وقوله " خذوا عنى مناسككم " وذهب الأئمة (أبو حنيفة والشافعي وأحمد) إلى أنه سنة، قالوا لأنه ليس فيه إلا فعله صلى الله عليه وسلم وهو لا يدل على الوجوب، وأما الاستدلال على الوجوب بالآية فقال شارح البحر إنها لا تدل على طواف القدوم لأنها في طواف الزيارة (أي الإفاضة) اجماعا اهـ (قال الشوكاني) والحق الوجوب، لأن فعله صلى الله عليه وسلم مبين لمجمل واجب هو قوله تعالى" ولله على الناس حج البيت" وقوله صلى الله عليه وسلم " خذوا عني مناسككم " وقوله" حجوا كما رأيتموني أحج" وهذا الدليل يستلزم وجوب كل فعل فعله النبي صلى الله عليه وسلم في حجه إلا ما خصه دليل، فمن ادعى وجوب شيء من أفعاله في الحج فعليه الدليل على ذلك. وهذه كلية فعليك بملاحظتها في جميع الأبحاث التي ستمر بك اهـ (وفي أحاديث الباب) دلالة على مشروعية الرمل في الطواف الأول في الثلاثة الأشواط الأول وأنه سنة، والطواف الأول هو طواف القدوم (وإلى ذلك ذهب جمهور العلماء) ومنهم الأئمة الأربعة (قال النووي) رحمه الله ولا يسن ذلك إلا في طواف العمرة وفي طواف واحد في الحج، واختلفوا في ذلك الطواف، وهما قولان للشافعي أصحهما أنه إنما يشرع في طواف يعقبه سعي ويتصور ذلك في طواف القدوم، ويتصور في طواف الإفاضة، ولا يتصور في طواف الوداع لأن شرط طواف الوداع أن يكون قد طاف للإفاضة فعلى هذا القول إذا طاف للقدوم وفي نيته أن يسعى بعده استحب الرمل فيه، وإن لم يكن هذا في نيته لم يرمل فيه بل يرمل في طواف الإفاضة (والقول الثاني) أنه يرمل في طواف القدوم سواء أراد السعي بعده أم لا والله أعلم (قال أصحابنا) فلو أخل بالرمل في الثلاث الأول من السبع لم يأت به في الأربع الأواخر، لأن السنة في الأربع الأخيرة المشي على العادة فلا يغيره، ولو لم يمكنه الرمل للزحمة أشار في هيئة مشية إلى صفة الرمل، أشار في هيئة مشية إلى صفة الرمل، ولو لم يمكنه الرمل بقرب الكعبة للزحمة وأمكنه إذا تباعد عنها فالأولى أن يتباعد ويرمل، لأن فضيلة الرمل هيئة للعبادة في نفسها والقرب من الكعبة هيئة في موضع العبادة لا في نفسها، فكان في تقديم ما تعلق بنفسها أولى والله أعلم (وفي أحاديث الباب أيضا) مشروعية المشي بين الركنين في الثلاثة الأشواط

<<  <  ج: ص:  >  >>