للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>


بين حديثي عائشة فى نفى صلاته صلى الله عليه وسلم الضحى واثباتها، فهو أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يصليها فى بعض الأوقات لفضلها ويتركها فى بعضه خشية أن تفرض كما ذكرته عائشة، ويتأول قولها ما كان يصليها إلا أن يجئ من مغيبه على أن معناه ما رأيته، كما قالت فى الرواية الثانية ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى سبحة الضحى، وسببه أن النبى صلى الله عليه وسلم ما كان يكون عند عائشة فى وقت الضحى الا فى نادر من الأوقات، فانه قد يكون فى ذلك مسافرًا وقد يكون حاضرًا ولكنه فى المسجد أو فى موضع آخر، واذا كان عند نسائه فانما كان لها يوم من تسعة، فيصح قولها ما رأيته يصليها، وتكون قد علمت بخبره أو خبر غيره أنه صلاها، أو يقال قولها ما كان يصليها أى ما يداوم عليها، فيكون نفيًا للمداومة لا لأصلها والله أعلم (الأحكام) جمع هذا الباب من مختلف الأحاديث فى صلاة الضحى ما لم يجمع مثله فى كتاب آخر من كتب السنة، وقد ذكرنا كلام العلماء فى الجمع بين مختلف الأحاديث بأسلوب سهل لطيف يفهمه كل قارئ، ويستفاد من أحاديث الباب بعد التوفيق بين مختلفها أن صلاة الضحى مشروعة مرغب فيها وأن فعلها ثابت فعله النبى صلى الله عليه وسلم وكثير من الصحابة والتابعين، وبذلك قال جمهور العلماء، ومنهم الائمة الأربعة أبو حنيفة ومالك والشافعى واحمد، وقد جمع الحافظ ابن القيم فى الهدى الأقوال فبلغت ستة (الأول) أنها سنة واستدلوا بهذه الأحاديث التى قدمناها (الثانى) لا تشرع إلا لسبب واحتجوا بأنه لم يفعلها الا لسبب فاتفق وقوعه وقت الضحى وتعددت الأسباب (فحديث أم هانئ) فى صلاته يوم الفتح كانت لسبب الفتح، وأن سنة الفتح أن يصلى عنده ثمان ركعات، قال وكان الأمراء يسمونها صلاة الفتح (وصلاته عند القدوم من مغيبه) كما فى حديث عائشة كانت لسبب القدوم فانه كان اذا قدم من سفر بدأ بالمسجد فصلى فيه (وصلاته فى بيت عتبان بن مالك) كانت لسبب، وهو تعليم عتبان الى أين يصلى فى بيته لما سأل النبىَّ صلى الله عليه وسلم ذلك (وأما أحاديث الترغيب فيها) والوصية بها فلا تدل على أنها سنة راتبة لكل أحد، ولهذا خص بذلك أبا هريرة وأبا ذر ولم يوص بذلك أكابر الصحابة (والقول الثالث) أنها لا تستحب أصلا (والقول الرابع) يستحب فعلها تارة وتركها أخرى (والقول الخامس) تستحب صلاتها والمحافظة عليها فى البيوت (والقول السادس) أنها بدعة، روى ذلك عن ابن عمر، واليه ذهب الهادى والقاسم وأبو طالب، ولا يخفاك أن الأحاديث الواردة باثباتها قد بلغت مبلغًا لا يقصر البعض منه عن اقتضاء الاستحباب، وقد جمع الحاكم الأحاديث فى إثباتها فى جزء مفرد عن نحو عشرين نفسًا من الصحابة، وكذلك السيوطى صنف جزءًا فى الأحاديث الواردة فى إثباتها، وروى فيه عن جماعة من الصحابة أنهم كانوا يصلونها، منهم (أبو سعيد الخدرى) وقد روى ذلك عنه سعيد بن منصور

<<  <  ج: ص:  >  >>