هريرة يحدث الناس في المسجد بوصية النبي ﷺ بها [خ ١١٢٤/ م ٧٢١] فهذا وجه ظهر قصد الشرع إلى إمكان المواظبة عليه، فلا شك في شرعية المداومة عليه إذا زال المانع، ويسوغ على قولٍ تسميةُ المواظبة عليه بدعة باعتبار الوصف وهو إظهار العمل بعد أن لم يكن لا باعتبار الحكم، وهذا إطلاقٌ إنما ترخص فيه من ترخص لخلو مقامه من المحاذير لا ليحض الناس على استحسان البدع. ومنه ما روي عن ابن عمر في الضحى والحسن البصري في القصص.
ثم للعامل بعد ذلك وجهان: إما أن يبقى على العمل الأول كما فعل ابن عمر لم يكن يصلي الضحى إلا عَرَضا. وإما أن يأخذ بالمداومة مثل عائشة. ومن هذا فِعلُ عمر في التراويح، استصحب العمل الأول، فلم يكن يجمع معهم.
فهذا وجه ما أطلق عليه اسم البدعة من السنن. وقد علمنا أن من أصولهم المحكمة " كل بدعة ضلالة وإن رآها الناس حسنة ". فمن قاس على فتوى هي حادثة عين ما لا يشبهها - وليس له إلا قياس الشَبَه - لم يصل ما أمر الله به أن يوصل، ولم يعط كل دليل حقه. فإنما مدح ما أصله العمل، وظهر له قصد الشرع إلى إمكان المداومة، أو تردد فيه.
الثاني: أن يترك العمل ولا ينبَّه على قصد المداومة عليه، ثم يبقى العمل على حاله من الفعل والترك زمن الصحابة. فهذا لا شك في أن المواظبة عليه بدعة مخالفة لقصد الشرع، والبدعة فعل ما لم يثبت قصد الشرع إلى فعله.
هذا كلام من حيث الجملة يجري على قول بعض أهل العلم، لكن بقي هنا نكات هن جواب خاص:
ما روي عن ابن عمر في الضحى أنه قال:" نعمت البدعة " ليس طلبا لفعلها وتحريضا وإنما هو إقرار. كما في رواية ابن الجعد أنه كان إذا سئل عن سبحة الضحى قال: لا آمر بها ولا أنهى عنها ولقد أصيب عثمان وما أحد يصليها، وإنها لمن أحب ما أحدث الناس إلي اه وكذا رواها البغوي في جزء أبي الجهم العلاء بن موسى فقال [١٧] حدثنا أبو الجهم ثنا ليث عن نافع عن عبد الله بن عمر كان يُسأل عن صلاة الضحى، فلا ينهى ولا يأمر بها ويقول إنما أصنع كما رأيت أصحابي يصنعون، ولكن لا تصلوا عند طلوع الشمس ولا عند غروبها اه صحيح، ليث هو ابن سعد.