للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طاووس، ثُمَّ انْطَلَقَ بِنَا إِلَى غَرْبِيِّ الْكَعْبَةِ بَيْنَ بَابِ بَنِي سَهْمٍ وَبَابِ بَنِي جُمَحَ، فَوَقَفْنَا عَلَى قَوْمٍ بَلَغَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّهُمْ يَخُوضُونَ فِي حَدِيثِ الْقَدَرِ وَغَيْرِهِ مِمَّا يَخْتَلِفُ النَّاسُ فِيهِ، فَلَمَّا وَقَفَ عَلَيْهِمْ سَلَّمَ عَلَيْهِمْ فَأَجَابُوهُ فَرَحَّبُوا بِهِ وَأَوْسَعُوا لَهُ، فَكَرِهَ أَنْ يَجْلِسَ إِلَيْهِمْ، ثُمَّ قَالَ: يَا مَعْشَرَ الْمُتَكَلِّمِينَ فِيمَا لا يعنيهم ولا يزد عَلَيْهِمْ أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ للَّه عَزَّ وَجَلَّ عِبَادًا قَدْ أَسْكَنَتْهُمْ خَشْيَتُهُ مِنْ غَيْرِ عَيٍّ وَلَا بَكَمٍ وَإِنَّهُمْ لَهُمُ الْفُصَحَاءُ النُّطَقَاءُ النُّبَلَاءُ الْأَلِبَّاءُ وَالْعَالِمُونَ باللَّه عَزَّ وَجَلَّ وَبِآيَاتِهِ وَلَكِنَّهُمْ إذا ذكروا عظمة الله عز وجل انقطعت أَلْسِنَتُهُمْ وَكُسِرَتْ قُلُوبُهُمْ وَطَاشَتْ عُقُولُهُمْ إِعْظَامًا للَّه عَزَّ وَجَلَّ وَإِعْزَازًا وَإِجْلَالًا فَإِذَا اسْتَفَاقُوا مِنْ ذَلِكَ اسْتَبَقُوا إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِالْأَعْمَالِ الزَّكِيَّةِ يَعُدُّونَ أَنْفُسَهُمْ مَعَ الظَّالِمِينَ الْخَاطِئِينَ وَأَنَّهُمْ لَأَنْزَاهٌ أَبْرَارٌ، أَوْ مَعَ الْمُقَصِّرِينَ وَالْمُفَرِّطِينَ وَإِنَّهُمْ لَأَكْيَاسٌ أَقْوِيَاءُ، وَلَكِنَّهُمْ لَا يَرْضَوْنَ للَّه عَزَّ وَجَلَّ بِالْقَلِيلِ، وَلَا يَسْتَكْثِرُونَ لَهُ الْكَثِيرَ وَلَا يُدِلُّونَ عَلَيْهِ بِالْأَعْمَالِ، مَتَّى مَا لَقِيتَهُمْ فَهُمْ مَهْتَمُّونَ مَخُوفُونَ مُرَوَّعُونَ خَائِفُونَ مُشْفِقُونَ وَجِلُونَ، فَأَيْنَ أَنْتُمْ مِنْهُمْ، يَا مَعْشَرَ الْمُبْتَدِعِينَ اعْلَمُوا أَنَّ أَعْلَمَ النَّاسِ بِالْقَدَرِ أَسْكَتُهُمْ عَنْهُ، وَأَنَّ أَجْهَلَ النَّاسِ بِالْقَدَرِ أَنْطَقُهُمْ فِيهِ. قَالَ وَهْبٌ: ثُمَّ انْصَرَفَ عَنْهُمْ وَتَرَكَهُمْ، فَبَلَغَ ابْنَ عَبَّاسٍ أَنَّهُمْ تفرقوا عَنْ مَجْلِسِهِمْ ذَلِكَ، ثُمَّ لَمْ يَعُودُوا إِلَيْهِ حَتَّى هَلَكَ ابْنُ عَبَّاسٍ.

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ حَمَّادِ بْنِ نَصْرٍ النُّرْسِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ أَبُو الْحَكَمِ عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي دَرْمٍ عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ قَالَ: بُلِّغَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَنْ مَجْلِسٍ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ مِمَّا يَلِي بَابَ بَنِي سَهْمٍ يَجْلِسُ

<<  <  ج: ص:  >  >>