للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأصول (١):

المعاليق فيها كلامٌ طويلٌ، مختصرُه: أنّ من علَّقَ في عُنُقِ دابَّتِه عِلاقَة، فلا يخلو أنّ يقصد بها الجمال، أو يقصد بها دفع المَضَرَّة من عينٍ أو غيره، فإن قصد بذلك الجمال لم يكن عليه في ذلك حَرَجٌ إذا كان ذلك غير مُضِرٍّ بالدابّةِ، فقد رُوِيَ عن النبيِّ عليه السّلام أنّه إنّما أمر بقطع الأوتار لِئَلَّا تختنق الدّابَة عند عَدْوِها، فلو كانت متَّسِعَة لم يمنع من ذاك على معنى هذا الحديث.

وإن كان إنّما علّقها من العين، فقد قالوا: إنَّ ذلك لا ينبغي، ولا يجوز تعليق شيءٍ على جهة التّقية قبل نزول المرض.

وقيل: لا يجوز بعد نزول المرض، لما رُوِيَ أنّ رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - قال: "من علّق شيئًا وُكِلَ إِلَيْهِ" (٢).

وعن عُقْبَة بنِ عامِرٍ، قال: سمعت رسولَ الله - صلّى الله عليه وسلم - يقول: "من علَّق تميمةً فلا أَتَمَّ الله له، ومن علَّقَ وَدَعَةَ فلا وَدَعَ الله لَهُ" (٣).

وقال بعض النَّاس: إنّما نَهَى رسولُ الله - صلّى الله عليه وسلم - ألَّا تبقى قِلَادَة في عُنُقِ بعيرٍ؛ لأنّ الجاهليّة كانت تجعل الأوتار في أعناقها تَعَوُّذًا بذلك، فَنَهَى النّبىُّ - صلّى الله عليه وسلم - عن ذلك، وبَيَّنَ أنّه لا يجوز التَّعوُّذُ بغير اسم الله تعالى.

والّذي (٤) يَصِحُّ من هذا، أنّ النّبي كان يرقي قبل نزول البلاء، ويأمرُ بالاستعاذةِ تقيِّة أنّ ينزل، وكان لا يعلِّق شيئًا ولا يأمر به. فإن علَّقه على نفسه من أسماء الله تعالى الصّريحة، فذلك جائزٌ؛ لأنّ من وكل إلى أسماء الله تعالى فقد أخذَ الله بيده.


(١) انظر الفقرات الثّلاث التّالية في العارضة: ٧/ ١٩٥.
(٢) أخرجه أحمد في المسند: ٤/ ٣١٠، ٣١١، والترمذي (٢٠٧٢)، والحاكم: ٤/ ٢١٦، والبيهقي في السُّنن: ٩/ ٣٥١.
وعزاه المؤلِّف في العارضة: ٧/ ١٩٥ إلى جامع ابن وهب. قلنا: وهو في الجامع برقم: ٦٧٤ من المطبوع.
(٣) أخرجه ابن حبّان (٦٠٨٦)، والروياني (٢١٧)، والحاكم: ٤/ ٤١٧ وصححه، والبيهقي: ٩/ ٣٥٠.
(٤) انظر هذه الفقرة في العارضة: ٧/ ١٩٥ - ١٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>