للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن نفسه - صلّى الله عليه وسلم - النقائص الّتي لا تصحّ أنّ تكون في الإمام، وهذا على ما قاله، غير أنّ صفاتَ الإمامِ أكثر، وهي إحدى عشرة صفة، فقد كان يجب أنّ ينفي عن نفسِهِ أَضْدَادَ جميعها.

والأظهر عندي: أنّ يكون إنَّمَا نَفَى عن نفسه هذه الثّلاثة؛ لأنّها مختصَّةٌ بالحالِ الّتي كان عليها؟ لأنّهم سألوهُ ما كانَ أفاءَ الله من الغنائمِ، فأَقْسَمَ أنّه يقسمُ جميعها بينهمْ، ولا يجدونه بخيلًا بها ولا كذابًا فيما يَعِدُ به من قسمتها.

"وَلَا جَبَانَّا": يحتمل أنّ يريد جبانَا عن السّائلين.

المسألة الثّالثة (١):

قوله (٢):" أَدُّوا الخائط وَالمِخْيَطَ". الخائطُ واحدُ الخيوطِ، والمِخْيَطُ الإبرةُ، ومَن رواهُ: الخياط، فقد يكون الخيوط، وقد يكون الإبرة (٣)، قال تعالى: {حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ} (٤).

وإذا وجبَ ردّ القليل، وجبَ ردّ الكثير الّذي له القَدْر، وهذا هو التّنبيه بقوله: {وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ} الآية (٥)، فمن أدّى القنطار أقرب أنّ يؤدِّي الدِّينار، ومن لم يؤدّ الدِّينار أبعد من أنّ يؤدِّي القنطار.

ووسع ابن القاسم في "الموازية" فيما لا ثَمَنَ له كالخيط والإِبْرَة والخِرْقَة يرْقَعُ بها ثوبه، وقاله أَصْبَغ، قال: لا خلاف فيه (٦).


(١) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: ٣/ ١٩٩.
(٢) في حديث الموطَّأ السابق.
(٣) يقول ابن حبيب في شرح غريب الموطَّأ: الورقة ٦١ [١/ ٣٥١ - ٣٥٢] "الخائط هاهنا الخيط، والمخيطُ الإبرةُ، وقد تسمي العرب الابرة الخياط أيضًا" وانظر: مشكلات الموطَّأ لمجهول: ٥٥/ أ، والاقتضاب لليفرنى: ٥٣/ أ [٢/ ٢٦].
(٤) الأعراف: ٤٠.
(٥) آل عمران: ٧٥.
(٦) أورده ابن أبي زيد في النوادر: ٢٥٦ نقلًا عن الموازية.

<<  <  ج: ص:  >  >>