للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

١ - أما اليتيم فقد أوصى الله به خيرا، فإن كان له مال أوصى بالمحافظة عليه، حتى لا يبدد ويذهب سدى، ويبقى له إلى أن يصير رشيدا يحسن التصرف، ويدرك واجباته، ولا يخفى علينا هذا الوعيد الشديد من الخالق العليم: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا} (١) وإن كان فقيرا فقد أوصى بالإحسان إليه، في تربيته، ورعايته، وكفالته، قال عليه الصلاة والسلام: ((أنا وكافل اليتيم في الجنة)) (٢) وقرن بين أصبعيه السبابة والوسطى كما فعل هذا راوي الحديث لمشاهدته فعل الرسول ذلك، وقال تعالى: {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ} والوصايا باليتيم كثيرة، كحديث المسح على رأسه وملاطفته وعدم إبكائه، ويبقى عطف المسلين عليه إلى أن يحتلم ويبلغ مبلغ الرجال، ويعتمد على نفسه عند ذلك يزول عنه لقب اليتيم، كما قال عليه الصلاة والسلام: ((لا يتم بعد احتلام)) (٣) فأي قوانين البشر توصي بمثل هذا؟ ٢ - أما المملوك - أو الخادم - هو الآخر فقد حث الرسول صلى الله عليه وسلم أمته على أن تعامله المعاملة الحسنة، كما تعامل أولاد الصلب، تطعمه مما تأكل، وتلبسه مما تلبس، ولا يكلف بما لا طاقة له به، فإن كلف بما يشق عليه أعين عليه، قال عليه الصلاة والسلام: ((إخوانكم خولكم، جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل، وليلبسه مما يلبس، ولا تكلفوهم ما يغلبهم، فإن كلفتموهم ما يغلبهم فأعينوهم)) (٤).

فهل في قوانين البشر ما يشبه هذا؟ لا نعلم شيئا من ذلك، خصوصا ونحن نعلم أن العبيد كانوا يعاملون قبل وقت مجيء الإسلام معاملة دون معاملة الحيوانات ... والتاريخ شاهد عدل على هذا ... فالخوف من مخالفة شرع الله - والله عالم بما يقع - والشعور بمراقبة الله فوق الخوف من القانون البشري.


(١) سورة النساء الآية ١٠.
(٢) أخرجه البخاري وغيره عن سهل بن سعد.
(٣) أخرجه أبو داوود عن علي.
(٤) أخرجه البخاري عن أبي ذر.

<<  <   >  >>