للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكان ينشد هذه الأبيات كثيرًا (١):

من كان حين تصيب الشمسُ جبهتَه … أو الغبارُ يخاف الشينَ والشعَثا

ويألف الظلَّ كي تبقى بشاشتُه … فسوف يسكن يوما راغمًا جَدَثا

في ظل مقبرةٍ غبراءَ مظلمةٍ … يطيل تحت الثرى في غمها اللبثا

تجهَّزي بجهازٍ تبلغين به … يا نفس قبل الرَّدى لم تُخلقي عبثا

فالمؤمن يأتيه عمله الصالح في قبره في أحسن صورة، فيبشره بالسعادة من الله، والكافر بعكس ذلك.

والأعمال الصالحة تحيط بالمؤمن في قبره؛ في صحيح ابن حبان عن أبي هريرة مرفوعًا: «والذي نفسي بيده، إنه ليسمع خفْقَ نعالهم حين يُولُّون عنه، فإن كان مؤمنًا كانت الصلاةُ عند رأسه، والزكاةُ عن يمينه، والصوم عن شماله، وفعل الخيرات والمعروفُ والإحسانُ إلى الناس من قِبلِ رجليه، فيؤتى من قبل رأسه، فتقول الصلاة: ليس قِبَلي مدخل … ».

وذكر سائر الأعمال كذلك، وقال في الكافر: «يؤتى من هذه الجهاتِ فلا يوجد شيء فيجلس خائفًا مرعوبًا» (٢).

قال عطاء بن يسار (٣): إذا وضع الميت في لحده، فأول شيء يأتيه عمله، فيضرب فخذه الشمال فيقول: أنا عملك. فيقول: فأين أهلي وولدي وعشيرتي وما خوَّلني الله؛ فيقول: تركت أهلك وولدك وعشيرتَك وما خوَّلك الله


(١) ينظر: تاريخ دمشق لابن عساكر (٤٥/ ٢٤٠)، وسير أعلام النبلاء للذهبي (٥/ ١٣٨).
(٢) أخرجه ابن حبان في صحيحه برقم (٣١١٣)، وعبد الرزاق في المصنف برقم (٦٧٠٣)، والطبراني في الأوسط برقم (٢٦٣٠)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (٣/ ٥١ - ٥٢): رواه الطبراني في الأوسط وإسناده حسن.
(٣) ينظر: أهوال القبور لابن رجب (ص ٣٣).

<<  <   >  >>