للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال الهروي (١): («إن كان في الحراسة»: أي: حماية الجيش ومحافظتهم عن أن يتهجم عليهم عدوهم «كان»، أي: كاملًا «في الحراسة»: غير مقصر فيها بالنوم والغفلة ونحوهما، والحراسة وإن كانت في اللغة أعم لكنها في العرف مختصة بمقدمة العسكر.

ولذا قال: «وإن كان في الساقة»: أي: في مؤخرة الجيش «كان في الساقة»، أي: كاملًا في تلك الحالة أيضًا؛ بأن لا يخاف من الانقطاع، ولا يهتم إلى السبق بل يلازم ما هو لأجله.

وقد تقرر في علم المعاني أن الشرط والجزاء إذا اتحدا يراد بالجزاء الكمال، فالمعنى: إن كان في الحراسة أو الساقة يبذل جهده فيها، ولا يغفل عنها على وجه الكمال. قال التوربشتي : أراد بالحراسة: حراسته من العدو أن يهجم عليهم، وذلك يكون في مقدمة الجيش، والساقة مؤخرة الجيش، فالمعنى: ائتماره لما أمر، وإقامته حيث أقيم، لا يُفقد من مكانه بحال، وإنما ذكر الحراسة والساقة لأنهما أشد مشقة، وأكثر آفة، الأول عند دخولهم دار الحرب، والآخر عند خروجهم.

وهو مع ذلك: «إن استأذن»، أي: طلب الإذن في دخول محفل، «لم يؤذن له»، أي: لعدم ماله وجاهه «وإن شفع»، أي: لأحد «لم يشفَّع»: بتشديد الفاء المفتوحة، أي: لم تُقبل شفاعته.

وتوضيحه ما قيل: إن فيه إشارة إلى عدم التفاته إلى الدنيا وأربابها بحيث يفنى بكليته في معالجة نفسه، لا يبتغي مالًا ولا جاهًا عند الناس، بل يكون عند الله وجيهًا، ولم يقبل الناس شفاعته، وعند الله يكون شفيعًا مشفعًا).


(١) ينظر: مرقاة المفاتيح للهروي (٨/ ٣٢٢٩).

<<  <   >  >>