للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فمن ذلك أن اللَّه تعالى ذكر أعمال البر التي أوجب لأهلها الخلود فِي الفردوس، فافتتح تلك الأعمال بالصلاة، وختمها بالصلاة، وجعل تلك الأعمال التي جعل لأهلها الخلود فِي الفردوس بين ذكر الصلاة مرتين قَالَ اللَّهُ تعالى: ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (١) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ﴾ [المؤمنون: ١ - ٢]؛ فبدأ من صفتهم بالصلاة عند مديحه إياهم، ثم وصفهم بالأعمال الطاهرة الزاكية المرضية إلى قول اللَّه ﷿: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ (٨) وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (٩) أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ (١٠) الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ [المؤمنون: ٨ - ١١]، فأوجب اللَّه ﷿ لأهل هذه الأعمال الشريفة الزاكية المرضية الخلود فِي الفردوس، وجعل هذه الأعمال بين ذكر الصلاة مرتين.

ثم عاب اللَّه ﷿ الناس كلهم وذمهم، ونسبهم إلى اللؤم والهلع والجزع والمنع للخير، إلا أهل الصلاة، فإنه استثناهم منهم فقَالَ اللَّهُ ﷿: ﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا (١٩) إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا (٢٠) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا﴾ [المعارج: ١٩ - ٢١]، ثم استثنى المصلين منهم فقال: ﴿إِلَّا الْمُصَلِّينَ (٢٢) الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ (٢٣) وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ (٢٤) لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ﴾ [المعارج: ٢٢ - ٢٥].

ثم وصفهم بالأعمال الزاكية الطاهرة المرضية الشريفة إلى قوله: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ﴾ [المعارج: ٣٣]، ثم ختم بثنائه عليهم ومدحهم بأن ذكرهم بمحافظتهم عَلَى الصلاة فقال: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (٣٤) أُولَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ﴾ [المعارج: ٣٤ - ٣٥]، فأوجب لأهل هذه الأعمال الكرامة فِي الجنة، وافتتح ذكر هذه الأعمال بالصلاة وختمه بالصلاة، فجعل ذكر هذه الأعمال بين ذكر الصلاة مرتين.

ثم ندب اللَّه ﷿ رسولَه إلى الطاعة كلها جملة، وأفرد الصلاة بالذكر من بين الطاعة كلها، والصلاة هي من الطاعة، فقال ﷿: ﴿اتْلُ

<<  <   >  >>