للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الناس يوم القيامة، وهذا لعظم أمرها وكثير خطرها، وليس هذا الحديث مخالفًا للحديث المشهور في السنن: «أول ما يحاسب به العبد صلاته»؛ لأن هذا الحديث الثاني فيما بين العبد وبين الله تعالى، وأما حديث الباب فهو فيما بين العباد، والله أعلم بالصواب).

أما الصلاة فشأنها عظيم، ومكانتها في الإسلام عالية، فليس يدانيها شيء من الأعمال، ولا يساويها شيء من الأقوال بعد الشهادتين، حتى قال عبد الله بن العقيلي : (كان أصحاب محمد لا يرون شيئًا من الأعمال تركه كفر غير الصلاة) (١).

وللإمام أحمد كلام رائع في شأن الصلاة، وخطر التهاون بها، ذكره في رسالته في الصلاة، وهذه الرسالة أوردها أبو يعلى في كتابه طبقات الحنابلة (٢).

قال الإمام أحمد بعد كلام له: (واعلموا أن أكثر الناس اليوم ما يكون لهم صلاة، لسبقهم الإمام بالركوع والسجود والرفع والخفض، وقد جاء الحديث قَالَ: «يأتي عَلَى الناس زمان يُصلُّون ولا يُصلُّون» (٣).

وقد تخوفت أن يكون هذا الزمان، فلو صليت فِي مائة مسجد، ما رأيت أهل مسجد واحد يقيمون الصلاة عَلَى ما جاء عَنِ النَّبِيّ وعن أصحابه ، فاتقوا اللَّه وانظروا فِي صلاتكم وصلاة من يصلي معكم.

واعلموا لو أن رجلًا أحسن الصلاة فأتمَّها وأحكمَها، ثم نظر إلى من أساء


(١) لم أجده في شيء من الكتب، والإمام أحمد يطلق في هذا الكتاب لفظ الحديث على آثار الصحابة والتابعين فلعله من ذلك.
(٢) ينظر: طبقات الحنابلة (١/ ٣٥٢ - ٣٥٨).
(٣) أخرجه الترمذي برقم (٢٦٢٢).

<<  <   >  >>