للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وحسن الخاتمة، وتوقي ميتة السوء، فلهذا كان مثله كمثل السنبلة تفيئها الرياح يمنة ويسرة، فلا تضره الرياح كما في أمثال العرب: إذا رأيت الريح عاصفًا فتطامن، أي: إذا رأيت الأمر غالبًا فاخضع له (١).

الثالث: ومنها أن الزرع وإن كانت كل طاقة منه ضعيفة ضئيلة؛ إلا أنه يتقوى بما يخرج معه وحوله ويعتضد به بخلاف الشجر العظام، فإن بعضها لا يشدُّ بعضًا، وقد ضرب الله تعالى مثل نبيه وأصحابه بالزرع، لهذا المعنى قال: ﴿وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى﴾ [الفتح: ٢٩].

وقد قال ﷿: ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ﴾ [التوبة: ٧١].

وقال: ﴿الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ﴾ [التوبة: ٦٧]، فالمؤمنون بينهم ولاية، وهي مودة ومحبة باطنة، كما قال: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ﴾ [الحجرات: ١٠]؛ لأن المؤمنين قلوبهم على قلب رجل واحد فيما يعتقدونه من الإيمان.

وأما المنافقون فقلوبهم مختلفة كما قال: ﴿تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى﴾ [الحشر: ١٤]، فأهواؤهم مختلفة، ولا ولاية بينهم في الباطن، وإنما بعضهم من جنس بعض في الكفر والنفاق.

وفي الصحيحين عن النبي : «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا». وشبك بين أصابعه (٢).

وفيهما أيضًا عن النبي قال: «مثل المؤمنين في توادهم


(١) ينظر: جمهرة الأمثال للعسكري (١/ ١٧٠).
(٢) أخرجه البخاري برقم (٤٨١)، ومسلم برقم (٢٥٨٥) عن أبي موسى .

<<  <   >  >>