للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال شعبة: أنا والله أستخير الله فيه منذ سنة أن أدعه.

قال عبد الله: اتق، لا تُجنّ، حديث رواه الناس عنه: إسماعيل بن أبي خالد، وأبو إسحاق، ومسعر.

فقال شعبة: لا يكون هذا، حديث سُنّة يقوله رسول الله ليس في الدنيا شيء يشبهه، فلا يسمعه من النبي إلا أبو مسعود، ولا يسمعه منه إلا أوس!) (١).

قلت: كلام شعبة هذا دقيق في معناه، ونفيس في بابه، فيما يتعلق بمسألة الغرابة والتفرد، ومنطلق شعبة في هذا الكلام إنما جاء من خلال معايشته لواقع الرواية وكثرة أسانيد الأخبار التي جاءت عن رسول الله ، فتجد الأحاديث تروى من أوجه كثيرة، وتتعدد الأسانيد من أوجه مختلفة، وهذا من حفظ الله لسنة نبيه .

ولذا استغرب شعبة أن يتفرّد أوسُ بن ضَمْعَج بهذا الحكم المهم ولا يرويه غيره، ويزيد هذا وضوحا ما ذكره ابن عدي في "الكامل" (٢) من طريق أبي حاتم الرازي، قال: حدثنا أبو سلمة موسى بن إسماعيل، حدثنا محمد بن سواء قال: (ذكرت لشعبة حديث سماك، عن سعيد بن جبير، عن ابن عمر؛ كنت أبيع الإبل بالبقيع. فقال: من حدث به؟ قلت: حماد بن سلمة، فقال: وكيف سمع حماد هذا، ولعله إنما جلس إلى سماك مجلسين أو ثلاثة، وقد جلست إلى سماك أكثر من مئة مجلس ولم أسمع هذا؟!).

وقد تكلمت على هذا في باب مفرد؛ في الغرابة وأقسامها وما يتعلق بها من أحكام.


(١) "أطراف الغرائب والأفراد" لابن طاهر (٢/ ٢٤٧).
(٢) (٣/ ٣٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>