للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: قد جاء هذا الحديث من أكثر من طريق، ولا يصح شيء منها، كما أنها لا تتقوى بمجموعها، وذلك لشدة ضعفها ونكارتها، وقد جاءت الأحاديث الصحيحة في صفة وضوئه وليس فيها أنه كان له خرقة يتنشف بها، بل جاء في "الصحيحين" من حديث ميمونة أنها عندما ناولتْه المنديل ردّه (١)، لذا قال أبو عيسى: (ولا يصح عن النبي في هذا الباب شيءٌ).

ولهذأ أخطأ من قوّى هذه الأحاديث بمجموع طرقها.

ومثل هذا "مسح الوجه باليدين بعد الدعاء"، فقد جاءت عدة أحاديث ولكنها كلها ضعيفة، فهل تتقوى بمجموع طرقها؟

ذهب الحافظ ابن حجر إلى ذلك (٢).

وذهب الإمام ابن تيمية إلى خلاف ذلك، فقال بضعفها (٣)، وأنا أذهب إلى ذلك؛ لأنَّه قد جاءت أحاديث كثيرة صحيحة في كونه دعا ورفع يديه، ولكن لم يأت في واحد منها أنه مسح بيديه على وجهه، فلو كان المسح محفوظا لجاء في بعضها، فدل هذا على نكارة مسح الوجه باليدين بعد الدعاء.

ومثله ما ورد في بعض الطرف من كونه "كان يمسح رقبته في الوضوء"، فهذه الزيادة باطلة، وقد خلت الأحاديث الصحيحة في صفة الوضوء من ذلك، لذا أخطأ الشوكاني في تحسينها بمجموع هذه الطرق (٤).

* * *


(١) "صحيح البخاري" (٢٦٦)، "صحيح مسلم" (٣١٧).
(٢) "بلوغ المرام" (ص: ٤٦٥)، قال: (ومجموعها يقتضي أنه حديث حسن).
(٣) قال في "مجموع الفتاوى" (٢٢/ ٥١٩): (وأما مسحه وجهه بيديه فليس عنه فيه إلا حديث أو حديثان لا يقوم بهما حجة والله أعلم).
(٤) ينظر "نيل الأوطار" (١/ ٢٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>