لا ريب أنه بعلوم وأعمال يفعلها العبد، وفي ذلك حركة منه وانتقال من حال إلى حال، ثم لا يخلو مع ذلك: إما أن روحه وذاته تتحرك أو لا تتحرك، وإذا تحركت: فإما أن تكون حركتها إلى ذات الله، أو إلى شيء آخر، وإذا كانت إلى ذات الله بقي النظر في قرب الله إليه ودنوه وإتيانه ومجيئه؛ إما جزاء على قرب العبد، وإما ابتداء كنزوله إلى سماء الدنيا.
فالأول: قول المتفلسفة الذين يقولون: إن الروح لا داخل البدن ولا خارجه، وإنها لا توصف بالحركة ولا بالسكون، وقد تبعهم على ذلك قوم ممن ينتسب إلى الملة، فهؤلاء عندهم قرب العبد ودنوه إزالة النقائص والعيوب عن نفسه وتكميلها بالصفات الحسنة الكريمة حتى تبقى مقاربة للرب مشابهة له من جهة المعنى، ويقولون: الفلسفة التشبه بالإله على قدر الطاقة؛ فأما حركة الروح فممتنعة عندهم، وكذلك يقولون في قرب الملائكة.
والذي أثبتوه من تزكية النفس عن العيوب وتكميلها بالمحاسن حق في نفسه؛ لكن نفيهم ما زاد على ذلك خطأ؛ لكنهم يعترفون بحركة جسمه إلى المواضع التي تظهر فيها آثار الرب كالمساجد والسموات والعارفين، وعند هؤلاء معراج النبي ﷺ إنما هو انكشاف حقائق الكون له كما فسره بذلك ابن سينا ومن اتبعه كعين القضاة وابن الخطيب في "المطالب العالية".
الثاني: قول المتكلمة الذين يقولون: إن الله ليس فوق العرش، وإن نسبة العرش والكرسي إليه سواء، وإنه لا داخل العالم ولا خارجه؛ لكن