للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكن اختصَّ الله ﷿ هذه الأمة بالعمل بهذه المسألة والاهتمام بها وتقعيدها، فكثر استعمالها في قبول الأخبار أو ردها، وخاصة فيما يتعلق بكتاب ربها وسنة نبيها.

* * *

وإذا عُلم هذا، فإن الغرابة لا تنافي دائمًا صحة الخبر، بل إن الخبر قد يصحُّ مع وجودها، وهذا محل اتفاق في الجملة، على تفصيل في ذلك يأتي بيانه إن شاء الله تعالى.

فهذه أحاديث "الصحيحين" التي اتفقت الأمة على قبولها لا تخلو من الغريب، وقد جمع الضياء المقدسي "أفراد الصحيح" في جزء، و"غرائبه" في تسعة أجزاء (١).

فهناك من الغريب ما هو صحيح، وهذا كثير، ويكفينا "كتاب" أبي عيسى الترمذي، فكثيرا ما يقول: (حسن صحيح غريب).

وكذلك كان يصنع علي بن المديني، قال عن حديث "إنما الأعمال بالنيات" - وهو من أشهر الأحاديث الغريبة المخرجة في "الصحيحين" - بعد أن رواه عن ابن عيينة وعبد الوهاب بن عبد المجيد الثَّقَفي ويزيد بن هارون، كلُّهم عن يحيى بن سعيد به، قال: (هذا حديث صحيح جامع، وهو من أصحِّ حديث روي عن عمرَ مرفوع، ولا نرويه من وجه من الوجوه إلا من طريق يحيى بن سعيد الأنصاري) (٢).

وقال في حديث قصة استشارة النبي لأبي بكر وعمر في أسرى بدر: (والحديث صحيح، ولا يُحفظ إلا من طريق عكرمة بن عمَّار، وسمَاك من أهل اليمامة، ومَسْكنه الكوفة) (٣).


(١) "ذيل طبقات الحنابلة" (٣/ ٥١٩).
(٢) "مسند الفاروق" (١/ ٩٧).
(٣) المصدر السابق (٢/ ٥٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>