للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَإِذَا عَرَفْتَ هَذَا الْقَوْلَ فَنَحْنُ نَقْطَعُ النَّظَرَ عَنْ صِحَّةِ ادِّعَائِهِ وَعَدَمِ صِحَّتِهِ هَاهُنَا، وَنُسَلِّمُ تَرَادُفَ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ عَلَى زَعْمِهِ، لَكِنَّا نُنْكِرُ أَنَّ اسْتِعْمَالَهَا فِي كُلِّ مَوْضِعٍ مِنْ مَوَاضِعِ الْعَهْدَيْنِ بِمَعْنَى الْأُقْنُومِ الثَّالِثِ، وَنَقُولُ قَوْلًا مُطَابِقًا لِقَوْلِهِ: مَنْ لَهُ شُعُورُ مَا يَكْتُبُ الْعَهْدَيْنِ يَعْرِفُ أَنَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ تُسْتَعْمَلُ فِي غَيْرِ الْأُقْنُومِ الثَّالِثِ كَثِيرًا، فَفِي الْآيَةِ الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ مِنَ الْبَابِ السَّابِعِ وَالثَّلَاثِينَ مِنْ كِتَابِ حِزْقِيَالَ قَوْلُ اللهِ - تَعَالَى - فِي خِطَابِ أُلُوفٍ مِنَ النَّاسِ الَّذِينَ أَحْيَاهُمْ بِمُعْجِزَةِ حِزْقِيَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - هَكَذَا: (فَأَجْعَلُ فِيكُمْ رُوحِي) فَفِي هَذَا الْقَوْلِ رُوحُ اللهِ بِمَعْنَى لِلنَّفْسِ النَّاطِقَةِ الْإِنْسَانِيَّةِ لَا بِمَعْنَى الْأُقْنُومِ الثَّالِثِ الَّذِي هُوَ عَيْنُ اللهِ عَلَى زَعْمِهِمْ - وَفِي الْبَابِ الرَّابِعِ مِنَ الرِّسَالَةِ الْأُولَى لِيُوحَنَّا تَرْجَمَةٌ عَرَبِيَّةٌ سَنَةَ ١٧٦٠ هَكَذَا (١ أَيُّهَا الْأَحِبَّاءُ لَا تُصَدِّقُوا كُلَّ رُوحٍ بَلِ امْتَحِنُوا الْأَرْوَاحَ هَلْ هِيَ مِنَ اللهِ؟ ؛ لِأَنَّ الْأَنْبِيَاءَ الْكَذَبَةَ كَثِيرُونَ قَدْ خَرَجُوا إِلَى الْعَالِمِ ٢ بِهَذَا تَعْرِفُونَ رُوحَ اللهِ: كُلُّ رُوحٍ يَعْتَرِفُ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ أَنَّهُ قَدْ جَاءَ فِي الْجَسَدِ فَهُوَ مِنَ اللهِ ٦ نَحْنُ مِنَ اللهِ فَمَنْ يَعْرِفُ اللهَ يَسْمَعُ لَنَا، وَمَنْ لَيْسَ مِنَ اللهِ لَا يَسْمَعُ لَنَا، مِنْ هَذَا تَعْرِفُ رُوحَ الْحَقِّ وَرُوحَ الضَّلَالِ (وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ الْوَاقِعَةُ فِي الْآيَةِ الثَّانِيَةِ) بِهَذَا تَعْرِفُونَ رُوحَ اللهِ (وَفِي التَّرَاجِمِ الْعَرَبِيَّةِ الْأُخَرِ سَنَةَ ١٨٢١ وَسَنَةَ ١٨٣١ وَسَنَةَ ١٨٤٤ هَكَذَا (بِهَذَا يُعْرَفُ رُوحُ اللهِ) وَفِي تَرْجَمَةِ سَنَةِ ١٨٢٥ (فَإِنَّكُمْ تُمَيِّزُونَ رُوحِ اللهِ) وَلَفْظُ رُوحِ اللهِ فِي الْآيَةِ الثَّانِيَةِ، وَلَفْظُ رُوحٍ فِي الْآيَةِ السَّادِسَةِ بِمَعْنَى الْوَاعِظُ الْحَقُّ لَا بِمَعْنَى الْأُقْنُومِ الثَّالِثِ، وَلِذَلِكَ تَرْجَمَ مُتَرْجَمُ تَرْجَمَةِ أُرْدُو الْمَطْبُوعَةِ سَنَةَ ١٨٤٥ لَفْظَ كُلِّ رُوحٍ بِكُلِّ وَاعِظٍ، وَلَفْظَ الْأَرْوَاحِ بِالْوَاعِظِينَ فِي الْآيَةِ الْأَوْلَى، وَلَفْظَ رُوحٍ فِي الْآيَةِ الثَّانِيَةِ بِالْوَاعِظِ مِنْ جَانِبِ اللهِ. وَلَفْظَ رُوحِ الْحَقِّ فِي الْآيَةِ السَّادِسَةِ بِالْوَاعِظِ الصَّادِقِ. وَتَرْجَمَ لَفْظَ رُوحِ الضَّلَالِ

بِالْوَاعِظِ الْمُضِلِّ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِرَوْحِ اللهِ، وَرُوحِ الْحَقِّ الْأُقْنُومَ الثَّالِثَ الَّذِي هُوَ عَيْنُ اللهِ عَلَى زَعْمِهِمْ، وَهُوَ ظَاهِرٌ. فَتَفْسِيرُ الْفَارَقْلِيطِ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَرُوحِ الْقُدُسِ وَرُوحِ الْحَقِّ لَا يَضُرُّنَا؛ لِأَنَّهُمَا بِمَعْنَى الْوَاعِظِ الْحَقِّ، كَمَا أَنَّ لَفْظَ رُوحِ الْحَقِّ رُوحِ اللهِ بِهَذَا الْمَعْنَى فِي الرِّسَالَةِ الْأُولَى لِيُوحَنَّا، فَيَصِحُّ إِطْلَاقُهُمَا عَلَى مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِلَا رَيْبٍ.

(الشُّبْهَةُ الثَّانِيَةُ) إِنَّ الْمُخَاطَبِينَ بِضَمِيرِ " كُمْ " الْحَوَارِيُّونَ، فَلَا بُدَّ أَنْ يَظْهَرَ الْفَارَقْلِيطُ فِي عَهْدِهِمْ، وَمُحَمَّدٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَظْهَرْ فِي عَهْدِهِمْ.

(أَقُولُ) : هَذَا أَيْضًا لَيْسَ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّ مَنْشَأَهُ أَنَّ الْحَاضِرِينَ وَقْتَ الْخِطَابِ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونُوا مُرَادِينَ بِضَمِيرِ الْخِطَابِ، وَهُوَ لَيْسَ بِضَرُورِيٍّ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ. أَلَّا تَرَى أَنَّ قَوْلَ عِيسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي الْآيَةِ الرَّابِعَةِ وَالسِّتِّينَ مِنَ الْبَابِ السَّادِسِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ إِنْجِيلِ مَتَّى فِي خِطَابِ رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَالشُّيُوخِ وَالْمَجْمَعِ هَكَذَا. (وَأَيْضًا أَقُولُ لَكُمْ مِنَ الْآنِ تُبْصِرُونَ ابْنَ الْإِنْسَانِ جَالِسًا عَنْ يَمِينِ الْقُوَّةِ وَآتِيًا عَلَى سَحَابِ السَّمَاءِ) وَهَؤُلَاءِ الْمُخَاطَبُونَ قَدْ مَاتُوا:

<<  <  ج: ص:  >  >>