للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كَوْنُهُ مُحِبًّا لِلْبِرِّ وَمُبْغِضًا لِلْإِثْمِ ١٢ - خِدْمَةُ بَنَاتِ الْمُلُوكِ إِيَّاهُ ١٣ - إِتْيَانُ الْهَدَايَا إِلَيْهِ ١٤ - انْقِيَادُ كُلِّ أَغْنِيَاءِ الشَّعْبِ لَهُ ١٥ - كَوْنُ أَبْنَائِهِ رُؤَسَاءَ الْأَرْضِ بَدَلَ آبَائِهِمْ ١٦ - كَوْنُ اسْمِهِ مَذْكُورًا جِيلًا بَعْدَ جِيلٍ ١٧ - مَدْحُ الشُّعُوبِ إِيَّاهُ إِلَى دَهْرِ الدَّاهِرِينَ.

وَهَذِهِ الْأَوْصَافُ كُلُّهَا تُوجَدُ فِي مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى أَكْمَلِ وَجْهٍ.

أَمَّا الْأَوَّلُ: فَلِأَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قَالَ: " مَا رَأَيْتُ شَيْئًا أَحْسَنَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ - تَعَالَى - عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ كَأَنَّ الشَّمْسَ تَجْرِي فِي وَجْهِهِ، وَإِذَا ضَحِكَ يَتَلَأْلَأُ فِي الْجِدَارِ " وَعَنْ أُمِّ مَعْبَدٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا - قَالَتْ فِي بَعْضِ مَا وَصَفَتْهُ بِهِ " أَجْمَلُ النَّاسِ مِنْ بَعِيدٍ، وَأَحْلَاهُمْ وَأَحْسَنُهُمْ مِنْ قَرِيبٍ ".

وَأَمَّا الثَّانِي: فَلِأَنَّ اللهَ - تَعَالَى - قَالَ فِي كَلَامِهِ الْمُحْكَمِ تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ (٢: ٢٥٣) الْآيَةَ. وَقَالَ أَهْلُ التَّفْسِيرِ: أَرَادَ بِقَوْلِهِ: وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ (٢: ٢٥٣) مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أَيْ رَفْعَهُ عَلَى سَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ وُجُوهٍ مُتَعَدِّدَةٍ، وَقَدْ أَشْبَعَ الْكَلَامَ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ الْإِمَامُ الْهُمَامُ الْفَخْرُ الرَّازِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ الْكَبِيرِ، وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا فَخْرَ أَيْ لَا أَقُولُ ذَلِكَ فَخْرًا لِنَفْسِي بَلْ تَحَدُّثًا بِنِعْمَةِ رَبِّي.

وَأَمَّا الثَّالِثُ: فَغَيْرُ مُحْتَاجٍ إِلَى الْبَيَانِ حَتَّى أَقَرَّ بِفَصَاحَتِهِ الْمُوَافِقُ وَالْمُخَالِفُ، وَقَالَ الرُّوَاةُ فِي وَصْفِ كَلَامِهِ: إِنَّهُ كَانَ أَصْدَقَ النَّاسِ لَهْجَةً، فَكَانَ مِنَ الْفَصَاحَةِ بِالْمَحَلِّ الْأَفْضَلِ وَالْمَوْضِعِ الْأَكْمَلِ.

وَأَمَّا الرَّابِعُ: فَلِأَنَّ اللهَ قَالَ: إِنَّ اللهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ (٣٣: ٥٦) وَأُلُوفُ أُلُوفٍ مِنَ النَّاسِ يُصَلُّونَ عَلَيْهِ فِي الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ (وَغَيْرِهَا) .

وَأَمَّا الْخَامِسُ: فَظَاهِرٌ، وَقَدْ قَالَ هُوَ بِنَفْسِهِ " أَنَا رَسُولُ اللهِ بِالسَّيْفِ ".

وَأَمَّا السَّادِسُ: فَكَانَتْ قُوَّتُهُ الْجُسْمَانِيَّةُ عَلَى الْكَمَالِ كَمَا ثَبَتَ أَنَّ رُكَانَةَ خَلَا بِرَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي بَعْضِ شِعَابِ مَكَّةَ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ فَقَالَ: " يَا رُكَانَةُ

أَلَّا تَتَّقِي اللهَ وَتَقْبَلُ مَا أَدْعُوكَ إِلَيْهِ "؟ فَقَالَ: لَوْ أَعْلَمُ وَاللهِ مَا تَقُولُ حَقًّا لَاتَّبَعْتُكَ. فَقَالَ: " أَرَأَيْتَ إِنْ صَرَعْتُكَ أَتَعْلَمُ أَنَّ مَا أَقُولُ حَقٌّ؟ قَالَ! نَعَمْ. فَلَمَّا بَطَشَ بِهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أَضَجْعَهُ لَا يَمْلِكُ مِنْ أَمْرِهِ شَيْئًا، ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ عُدْ. فَصَرَعَهُ أَيْضًا فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ إِنَّ ذَا لِعَجَبٌ! فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " وَأَعْجَبُ مِنْ ذَلِكَ إِنْ شِئْتَ أُرِيكَهُ إِنِ اتَّقَيْتَ اللهَ وَتَبِعْتَ أَمْرِي " قَالَ: مَا هُوَ؟ قَالَ: " أَدْعُو لَك هَذِهِ الشَّجَرَةَ " فَدَعَاهَا فَأَقْبَلَتْ حَتَّى وَقَفَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهَا: " ارْجِعِي مَكَانَكِ " فَرَجَعَ رُكَانَةُ إِلَى قَوْمِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>