(قُلْنَا) : هَذَا الْأَمْرُ كَانَ بَاقِيًا إِلَى ظُهُورِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَكَانُوا فِي أَقْطَارِ الْعَرَبَ ذَوِي حُصُونٍ وَأَمْلَاكٍ غَيْرَ مُطِيعِينَ لِأَحَدٍ، مِثْلَ يَهُودِ خَيْبَرَ وَغَيْرِهِمْ كَمَا تَشْهَدُ بِهِ التَّوَارِيخُ، وَبَعْدَ ظُهُورِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ، وَصَارُوا فِي كُلِّ إِقْلِيمٍ مُطِيعِينَ لِلْغَيْرِ - فَالْأَلْيَقُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بشيلوه النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا مَسِيحَ الْيَهُودِ وَلَا عِيسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ -.
الْبِشَارَةُ السَّادِسَةُ
الزَّبُورُ الْخَامِسُ وَالْأَرْبَعُونَ هَكَذَا (١ - فَاضَ قَلْبِي كَلِمَةً صَالِحَةً أَنَا أَقُولُ أَعْمَالِي لِلْمَلِكِ ٢ لِسَانِي قَلَمُ كَاتِبٍ سَرِيعُ الْكِتَابَةِ ٣ بَهِيٌّ فِي الْحُسْنِ أَفْضَلُ مِنْ بَنِي الْبَشَرِ ٤ انْسَكَبَتِ النِّعْمَةُ عَلَى شَفَتَيْكَ لِذَلِكَ بَارَكَكَ اللهُ إِلَى الدَّهْرِ ٤ تَقَلَّدْ سَيْفَكَ عَلَى فَخِذِكَ أَيُّهَا الْقَوِيُّ بِحُسْنِكَ وَجَمَالِكَ ٥ اسْتَلَّهُ وَانْجَحْ وَامْلُكْ مِنْ أَجْلِ الْحَقِّ وَالدَّعَةِ وَالصِّدْقِ وَتَهْدِيكَ بِالْعَجَبِ يَمِينُكَ ٦ نَبْلُكَ مَسْنُونَةٌ أَيُّهَا الْقَوِيُّ فِي قَلْبِ أَعْدَاءِ الْمَلِكِ، الشُّعُوبُ تَحْتَكَ يَسْقُطُونَ ٧ كُرْسِيُّكَ يَا اللهُ إِلَى دَهْرِ الدَّاهِرِينَ، عَصَا الِاسْتِقَامَةِ عَصَا مُلْكِكَ ٨ أَحْبَبْتَ الْبِرَّ وَأَبْغَضْتَ الْإِثْمَ لِذَلِكَ مَسَحَكَ اللهُ إِلَهُكَ بِدُهْنِ الْفَرَحِ أَفْضَلَ مِنْ أَصْحَابِكَ ٩ الْمُرُّ وَالْمَيْعَةُ وَالسَّلِيخَةُ مِنْ ثِيَابِكَ، مِنْ مَنَازِلِكَ الشَّرِيفَةِ الْعَاجِ الَّتِي أَبْهَجَتْكَ ١٠ بَنَاتُ الْمُلُوكِ فِي كَرَامَتِكَ، قَامَتِ الْمَلِكَةُ مِنْ عَنْ يَمِينِكَ مُشْتَمِلَةً بِثَوْبٍ مُذَهَّبٍ مُوَشَّى ١١ اسْمَعِي يَا بِنْتُ وَانْظُرِي وَأَنْصِتِي بِأُذُنَيْكِ وَانْسَيْ شَعْبَكِ وَبِنْتَ أَبِيكِ ١٢ فَيَشْتَهِي الْمَلِكُ حُسْنَكِ لِأَنَّهُ هُوَ الرَّبُّ إِلَهُكِ وَلَهُ تَسْجُدِينَ ١٣ بَنَاتُ صُورٍ يَأْتِينَكَ بِالْهَدَايَا، لِوَجْهِكَ يُصَلِّي كُلُّ أَغْنِيَاءِ الشَّعْبِ ١٤ كُلُّ مَجْدِ ابْنَةِ الْمَلِكِ مِنْ دَاخِلِ مُشْتَمِلَةٍ بِلِبَاسِ الذَّهَبِ الْمُوَشَّى ١٥ يَبْلُغْنَ إِلَى الْمَلِكِ عَذَارَى فِي أَثَرِهَا قَرِيبَاتُهَا إِلَيْكَ يَقْدُمْنَ ١٦ يَبْلُغْنَ بِفَرَحٍ وَابْتِهَاجٍ يَدْخُلْنَ إِلَى هَيْكَلِ الْمَلِكِ ١٧ وَيَكُونُ بَنُوكَ عِوَضًا مِنْ آبَائِكَ وَتُقِيمُهُمْ رُؤَسَاءَ عَلَى سَائِرِ الْأَرْضِ ١٨ سَأَذْكُرُ اسْمَكَ فِي كُلِّ جِيلٍ وَجِيلٍ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ تَعْتَرِفُ لَكَ الشُّعُوبُ إِلَى الدَّهْرِ وَإِلَى دَهْرِ الدَّاهِرِينَ) .
مِنَ الْمُسَلَّمِ عِنْدَ أَهْلِ الْكِتَابِ أَنَّ دَاوُدَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - يُبَشِّرُ فِي هَذَا الزَّبُورِ بِنَبِيٍّ يَكُونُ ظُهُورُهُ بَعْدَ زَمَانِهِ، وَلَمْ يَظْهَرْ إِلَى هَذَا الْحِينِ عِنْدَ الْيَهُودِ نَبِيٌّ يَكُونُ مَوْصُوفًا بِالصِّفَاتِ الْمَذْكُورَةِ فِي هَذَا الزَّبُورِ، وَيَدَّعِي عُلَمَاءُ بُرُوتُسْتَنْتْ أَنَّ هَذَا النَّبِيَّ عِيسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وَيَدَّعِي أَهْلُ الْإِسْلَامِ سَلَفًا وَخَلَفًا أَنَّ هَذَا النَّبِيَّ مُحَمَّدٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
فَأَقُولُ: إِنَّهُ ذُكِرَ فِي هَذَا الزَّبُورِ مِنْ صِفَاتِ النَّبِيِّ الْمُبَشَّرِ بِهِ هَذِهِ الصِّفَاتُ:
١ - كَوْنُهُ حَسَنًا ٢ - كَوْنُهُ أَفْضَلَ الْبَشَرِ ٣ - كَوْنُ النِّعْمَةِ مُنْسَكِبَةً عَلَى شَفَتَيْهِ ٤ - كَوْنُهُ مُبَارَكًا إِلَى (آخَرِ) الدَّهْرِ ٥ - كَوْنُهُ مُتَقَلِّدًا بِالسَّيْفِ ٦ - كَوْنُهُ قَوِيًّا ٧ - كَوْنُهُ ذَا حَقٍّ وَدَعَةٍ وَصِدْقٍ ٨ - كَوْنُ هِدَايَةِ يَمِينِهِ بِالْعَجَبِ ٩ - كَوْنُ نَبْلِهِ مَسْنُونَةً ١٠ - سُقُوطُ الشَّعْبِ تَحْتَهُ ١١ -
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute