أمير المؤمنين الطائع للَّه
هو أبو بكر، عبد الكريم بن المطيع للَّه. بويع له يوم خلع أبوه في سنة ثلاث وستين وثلاث مائة وطرد الديلم عن العراق وعاد أمر الخلافة إلى ما عهد. واسم أم الطائع «عتب» روميّة. وكان صاحب جيشه والمدبّر لأمره سبكتكين المعزى، ولقّبه الطائع ب «نصر الدولة» .
ثم إن عز الدولة بختيار انحدر إلى خوزستان واستنجد بابن عمه الأمير عضد الدولة أبى شجاع فنّا خسرو «٥٢٢» بن ركن الدولة فأنجده والتقيا بواسط. ثم نفذوا إلى الموصل من استنجد بعدّة الدولة فأنجدهم ووصل إلى تكريت، فتحيّر الطائع لأنه بقي بينهما. وجاء عليه عيد النحر فخرج بنفسه وصعد المنبر وخطب، وكان مجدّر الوجه كبير الأنف، وكان كما يزعمون، أبخر. وفيه يقول ابن الحجاج «٥٢٣» :
يا رب عيد النحر هو ذا ترى ... ما أفظع الأمر الّذي قد جرى
صلّى بنا فيه إمام فسا ... في أول الصيف كما كبّرا
خليفة في وجهه روشن ... خربشته قد ظلل العسكرا
عهدي به يمشى على رجله ... وأنفه قد صعد المنبرا «٥٢٤»
وقام يدعونا إلى نفسه ... وذكر العباس واستفخرا
بخطبة صنّفها باقل ... قد كسر الناس لها دفترا
نثرت بعرا من سروري وما ... نثرت لا لوزا ولا سكّرا
خلافة أقصى مدى ملكها ... من حد كلواذا إلى عكبرا «١٥٢٤» [٨٨ ب]
في قفص لو أنها قنبر ... لضاق عن أن يسع القنبرا
لكنها بالعرض قد أمعنت ... فعمّت الأبيض والأحمرا
صلت بجسر النهروان الضحى ... فعاقها حسّون أن تعبرا
ووجدت ضبّة في صرصر ... فحلفت لا جاوزت صرصرا
فأنفه أكبر من ملكه ... في الطول والعرض إذا قدرا
يحط في المنديل خيشومه ... ضفادعا خضرا إذا استنثرا