للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذلك من المسلمين فلهم حرية ممارسة عقيدتهم والموت في سبيلها.

قلت: إن الإسلام لا يجبر أحدًا على اعتناقه. قال تعالى: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ} (١). وقال تعالى: {وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} (٢).

ولكن الإسلام كسائر العقائد لا يسمح لأتباعه بالخروج عن منهاجه. قال تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} (٣).

فعقيدة المسلم هي صلاحية المنهج الإسلامي، ولا حرية له في الطعن على ذلك، ولا طاعة لمخلوق في هذا، قال - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الخَالِقِ».

والإسلام كسائر النظم تسري أحكامه الدنيوية على المقيمين في وطنه من المسلمين وغيرهم. وجميع الأنظمة الأرضية تعاقب على المظهر الخارجي للإرادة، بل توجد قوانين دولية في هذا الشأن من هذه القوانين، اتفاقية ١٤ ديسمبر ١٩٦٢، والتي تحظر تداول المخدرات بين الدول، والأفراد، فلا حرية لأحد في تداول المخدرات مهما كانت عقيدته بشأنها. ومن هذه القوانين الدولية، اتفاقية ٤ مايو سنة ١٩١٠ و ١٢ سبتمبر ١٩٢٣ بمنع تداول المطبوعات الشائنة، فلا حرية لأحد في تداول ذلك مهما كانت عقيدته فيها.

فلماذا يصبح الإسلام معتديًا على الحريات أن منع المسلم من المظهر الخارجي المتنافي مع الإسلام.

إن الدول المختلفة تمنع جميع المقيمين فيها من الإتيان بمظهر خارجي يخالف أنظمتها، ولكن الإسلام لا يفعل ذلك، هو يمنع المسلمين فقط في مسائل الحرام عنده، أما غير المسلمين فلا يهدر ما أحلته لهم شرائعهم من أشياء حرمها الإسلام، فلو أكل أو شرب أهل الكتب السابقة عندنا لا يعاقبهم الإسلام، وإذا ضبطت عندهم خمور لا عقاب عليهم، بل من أهدرها من المسلمين يلزم بتعويضهم.

أما غير المسائل المتصلة بالمحرمات، كسائر العقوبات، فتخضع لها المسلم وغير المسلم وذلك شأنه شأن النظم التي ظهرت بعد الإسلام بقرون وهذا ما يعرف في القانون


(١) [البقرة: ٢٥٦].
(٢) [الكهف: ٢٩].
(٣) [الأحزاب: ٣٦].

<<  <   >  >>