أما الحنفية فيفرقون بينهما: فالصحيح عندهم هو ما كان مشروعًا بأصله ووصفه، والفاسد: ما كان مشروعًا بأصله دون وصفه، والباطل ما ليس مشروعًا، لا بأصله، ولا بوصفه. فالبيع الذي تجعل فيه الخمر ثمنًا بيع باطل أو فاسد عند الشافعية، للنهي عنه لوصف ملازم. وفاسد عند الحنفية، لا باطل: فيترتب عليه بعض آثار، كثبوت الملك إذا اتصل القبض بالبيع. وقد اختار بعض العلماء التسوية بين البطلان والفساد في العبادات دون المعاملات، إذ ليس من المقبول أن يقع الفعل المنهي عنه قربة مجزئة عما وجب من العبادة، إذ لا يتقرب إلى الله بعصيانه، فكان النهي عن أفعال العبادة مستوجبًا بطلانها. لكن من الجائز بالنسبة للعقود أن يرتب الشارع آثارًا على عقد ما، ثم يرغب أن يقع العقد على وضع خاص، ومخالفة تلك الرغبة تستوجب الإثم، ولكن لا تستوجب عدم ترتب الأثر (وانظر " أسباب الاختلاف "، للأستاذ علي الخفيف: ص ١٢٥، ١٢٧؛ و" أصول التشريع " للأستاذ علي حسب الله: ص ١٩٠، ١٩٤). (٢) انظر " فواتح الرحموت ": ٢/ ٣٩٨، ٤٠٥؛ و" أصول التشريع "، للأستاذ علي حسب الله: ص ١٩٠ وما بعدها.