للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَلا يُضَارَّ:} إن كانت الرّاء المدغمة مفتوحة فمعناه: أن لا يشغل (١) الكاتب والشّهيد عن شغلهما (٢)، وإن كانت الرّاء المدغمة (٣) مضمومة فمعناه: أن لا يميلا فيضرّا بأحد المتعاقدين (٤).

٢٨٣ - {فَرِهانٌ:} ارتفع لتقدير [خبر محذوف] (٥). وهو بدل عن الكتاب (٦).

وأجمعوا أنّ الرهن ما يأخذه الدّائن من ملك المديون بحقّ العقد، لا يجوز أن يكون الحرّ والمكاتب وأمّ الولد مرهونا، وكذلك قولنا في المدبر.

واتّفقوا أنّ القبض شرط في الرهن، ولذلك لم يجز (٧) رهن المشاع؛ لأنّه يؤدّي إلى زوال القبض بالمهايأة (٨).

٢٨٤ - {لِلّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ:} الآية منسوخة، عن ابن عبّاس وابن مسعود (٦٠ ظ) وأبي هريرة وعطاء وسعيد بن جبير والحسن (٩). وهذا يدلّ على جواز نسخ الوعيد على ما سبق من وجوه النّسخ.

فإن قيل: هل كان يجوز قبل النّسخ تكليف ما لا يطاق؟ قلنا: هو على وجهين: تكليف ما لا يتوصّل (١٠) إليه إلا بطلب النّفس، وهو جائز عقلا وشرعا لجواز طلب الحقّ إذا كان وجوده مرجوّا من غير إلهام (١١) النفس كقوله: {وَلَوْ أَنّا (١٢)} كَتَبْنا عَلَيْهِمْ أَنِ اُقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ، الآية [النّساء:٦٦]، والآخر تكليف ما لا يتوصّل إليه بوجه ما، وهو جائز على وجه العقاب والعدوان دون التّعبّد (١٣)، قال الله تعالى: {سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً} [المدّثّر:١٧]، وقال صلّى الله عليه وسلّم: (من


(١) في ك: يشتغل.
(٢) ينظر: معاني القرآن للفراء ١/ ١٨٧، وتفسير غريب القرآن ١٠٠، ومعاني القرآن وإعرابه ١/ ٣٦٦.
(٣) (مفتوحة. . . المدغمة) ساقطة من ع. وقرأ بضم الراء ابن محيصن، ينظر: البحر المحيط ٢/ ٣٧٠، وإتحاف فضلاء البشر ٢١٣ - ٢١٤.
(٤) ينظر: تفسير الطبري ٣/ ١٨٢ - ١٨٣، والوجيز ١/ ١٩٥، والبحر المحيط ٢/ ٣٧٠.
(٥) يقتضيها السياق. وينظر: مشكل إعراب القرآن ١/ ١٤٦، وتفسير القرطبي ٣/ ٤٠٨.
(٦) يريد أنّه يصار إليه إن لم تكن كتابة الدّين ممكنة. وينظر: تفسير القرآن العظيم ١/ ٣٤٥.
(٧) في الأصل وع: يجوز، وفي ك: لا يجوز. وينظر: تفسير البغوي ١/ ٢٧٠، والقرطبي ٣/ ٤١٠ - ٤١١.
(٨) المهايأة: أمر يتهايأ القوم فيتراضون به"، العباب الزاخر ٢٠٥ (هيأ)، أو هي: "قسمة المنافع على التّعاقب والتّناوب"، التعريفات ٣٠٣.
(٩) ينظر: تفسير مجاهد ١/ ١١٨، والطبري ٣/ ١٩٣ - ١٩٩، والنكت والعيون ١/ ٢٩٨ - ٢٩٩.
(١٠) في ك: يتصل.
(١١) في ع: إلمام.
(١٢) ليس في ك.
(١٣) ينظر: تفسير القرطبي ٣/ ٤٣٠، والجواهر الحسان ١/ ٥٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>