للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الأرض واتباع الهوى، ولكنه لم يشأ عصمته فأخلد إلى الأرض، والإخلاد إلى الأرض هو لزوم المكان والتثبط والبقاء {الْكَلْبِ} سباع و (اللهث) إخراج اللسان إذا أخرج الكلب لسانه من حَرًّ وعطش لم يمسكه بزجر ولا تخلية، كذلك المنسلخ من الآيات لم ينزجر عن كفره بإنذار ولا تخلية والحَمْلُ على الشيء قصده على وجه الطرد وكأنه أخذ من أخذ من حمل السلاح عليه.

{سَاءَ} بئسَ و {الْقَوْمُ} مرتفع (١) و {مَثَلًا} نصب على التفسير (٢).

{مَنْ يَهْدِ اللَّهُ} لهداية التوفيق للاهتداء و (الإضلال) الخذلان واتصالها بما قبلها من حيث {وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا}.

{ذَرَأْنَا} أي شئنا بذارهم ومصيرهم واللام لام الغرض (٣) كقوله: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا} [مريم: ٧١] الآية، قوله -عليه السلام-: "ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن" (٤) يدل عليه أن الله تعالى كان عند ذرء الشقي عالمًا بمصيره لا محالة فلو لم يشأ مصيره لما ذرأه، ألا ترى أن الحكيم لا يغشى النساء إذا لم يرد النسل ولم يتمتع بالشهوات إذا لم يرد السمن


(١) قال الأخفش: مرفوع بالابتداء أو على إضمار مبتدأ نقله النحاس عنه في إعرابه (٢/ ٦٥٢).
(٢) أي أنه تمييز مفسَّر ويكون فاعل "ساءَ" مضمرًا يفسره ما بعده فيكون التقدير: ساء المثل مثلًا. وقرأ الحسن والأعمش وعيسى بن عمر والجحدري {ساء مثلُ القوم}.
[شواذ القراءات ص ١٩٩، البحر (٤/ ٤٢٣)].
(٣) أي اللام في قوله "لجهنم" يقول إنها لام الغرض ولا أدري ماذا يعني بلام الغرض فلعله يريد بها لام العلة وهو أحد الوجهين في اللام ذكره السمين الحلبي في تفسيره، والوجه الثاني أنها لام العاقبة والصيرورة كقوله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (٥٦)} [الذّاريَات: ٥٦] ومنه قول الشاعر:
ألا كل مولودٍ فللموت يُوْلَدُ ... ولستُ أرى حَيًّا لِحَيًّ يُخَلَّدُ
[البحر (٤/ ٤٢٧)، زاد المسير (٢/ ١٧١)، الدر المصون (٥/ ٥٢١)].
(٤) الحديث أخرجه ابن السني في عمل اليوم والليلة ص ٤٠ - ٤٤، وذكره الزبيدي في كتابه إتحاف السادة المتقين (٦/ ٤٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>